للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن فرحون: " إذا ادعى رجل على رجل بمال فجحده، فأخرج المدعي صحيفة مكتوبًا فيها خط المدعى عليه وإقراره بما ادعى عليه، وزعم المدعي أنها بخط المدعى عليه، فأنكر المدعي عليه ذلك، وليس بينهما بينة، فطلب المدعي أن يجبر المدعى عليه على أن يكتب بحضرة العدول، ويقابل ما كتبه بما أظهره المدعي. فأفتى أبو الحسن اللخمي بأنه يجبر على ذلك، وعلى أن يطول فيما يكتب تطويلًا لا يمكن معه أن يستعمل خطًّا غير خطه. وأفتى عبد الحميد الصائغ بأن ذلك لا يلزمه، إذا لا يلزمه إحضار بينة تشهد عليه، وفرَّق اللخمي بينهما بأن المدعى عليه يقطع بتكذيب البينة التي تشهد عليه فلا يلزمه أن يسعى في أمر يقطع ببطلانه. وأما خطه، فإنه صادر عنه بإقراره، والعدول يقابلون ما يكتبه الآن بما أحضره المدعي، ويشهدون بموافقته له أو مخالفته. وَرَجَّحَ أكثر الشيوخ ما أَفْتَى به اللخمي " (١) .

وبذلك أخذت " مجلة الأحكام العدلية " حيث جاء في م (١٦١٠) منها: " وأما إذا أنكر كون السند له، فلا يعتبر إنكاره إذا كان خطه وختمه مشهورًا ومتعارفًا ويعمل بذلك السند. أما إذا كان خطه وختمه غير مشهور ومتعارف، يستكتب ويعرض خطه على أهل الخبرة، فإن أخبروا بأنهما كتابة شخص واحد يؤمر ذلك الشخص بإعطاء الدين المذكور ".

ولا يخفى أن سائر هذه الأحوال التي يعتمد فيها على السند ويحكم بموجب ما جاء فيه يشترط فيها سلامة السند من شبهة التزوير، وعلى هذا نَصَّت المجلة في م (١٦١٠) بعد ذكر هذه الأحوال وبيانها: " والحاصل: يعمل بالسند إذا كان بريئًا من شائبة التزوير وشبهة التصنيع ". أما إذا كان في السند شبهة تزوير – بأن كان بغير خط المدين، وعليه ختمه دون توقيعه مثلًا – وأنكر المدين أن السند سنده، كما أنكر أصل الدين، فلا يكون السند مدارًا للحكم (٢) .

وبذلك أخذت " مجلة الأحكام العدلية " حيث جاء في آخر م (١٦١٠) منها: " أما إذا لم يكن السند بريئًا من الشبهة، وأنكر المدين كون السند له، وأنكر أصل الدين أيضًا، فيحلَّف بطلب المدعي على كونه ليس مدينًا للمدعي، وعلى أن السند ليس له ".


(١) تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام: ١/٣٦٣.
(٢) درر الحكام شرح مجلة الأحكام: ٤/١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>