للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

٤٢٣٣ - وَعَنْ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ، قَالَ: «أُتِينَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَذْرِ، فَخَبَطْتُ بِيَدِي فِي نَوَاحِيهَا، وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَقَبَضَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِيَ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَالَ: " يَا عِكْرَاشُ! كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ; فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ "، ثُمَّ أَتَيْنَا بِطَبَقٍ فِي أَلْوَانِ التَّمْرِ، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّبَقَ، قَالَ: " يَا عِكْرَاشُ! كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ ; فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ "، ثُمَّ أَتَيْنَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ وَمَسَحَ بِبَلَلِ كَفَّيْهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ، وَقَالَ: " يَا عِكْرَاشُ! هَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٤٢٣٣ - (وَعَنْ عِكْرَاشِ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَبِالرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (ابْنِ ذُؤَيْبٍ) : بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ يُبَدُّلُ وَاوًا فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: تَمِيمِيٌّ يُعَدُّ فِي الْبَصْرِيِّينَ، رَوَى عَنْهُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَدَقَاتِ قَوْمِهِ. (قَالَ: أُتِينَا) : أَيْ جِيءَ لَنَا (بِجَفْنَةٍ) : بِفَتْحِ جِيمٍ فَسُكُونِ فَاءٍ: أَيْ قَصْعَةٍ (كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَذْرِ) : بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ وَذْرَةٍ وَهِيَ قِطَعٌ مِنَ اللَّحْمِ لَا عَظْمَ فِيهَا عَلَى مَا فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْوَذْرَةُ مِنَ اللَّحْمِ الْقِطْعَةُ الصَّغِيرَةُ لَا عَظْمَ فِيهَا وَيُحَرَّكُ، (فَخَبَطْتُ) : أَيْ ضَرَبْتُ (يَدِي فِي نَوَاحِيهَا) ، مِنْ خَبَطَ الْبَعِيرَ بِيَدِهِ إِذَا ضَرَبَهُ بِهَا.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ ضَرَبْتُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِوَاءٍ مِنْ قَوْلِهِمْ: خَبَطَ خَبْطَ عَشْوَاءَ وَرَاعَى الْأَدَبَ حَيْثُ قَالَ فِي جَانِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْنَى الْجَوَلَانِ، وَالْمَعْنَى أَدْخَلْتُ يَدِي أَوْ أَوْقَعْتُهَا فِي نَوَاحِي الْقَصْعَةِ. ( «وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ» ) : أَيْ مِمَّا يَلِيهِ ( «فَقَبَضَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِيَ الْيُمْنَى» ) . يَجُوزُ فَتْحُ يَاءِ الْإِضَافَةِ وَسُكُونُهَا، وَهَذِهِ مُلَاحَظَةٌ فِعْلِيَّةٌ ( «ثُمَّ قَالَ: يَا عِكْرَاشُ! كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ» ) : أَيْ مِمَّا يَلِيكَ (فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ) .

أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّطَلُّعِ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَالشَّرَهِ وَالْحِرْصِ وَالطَّمَعِ الزَّائِدِ، ( «ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانُ التَّمْرِ، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ» ) : أَيْ تَأَدُّبًا. (وَجَالَتْ) : بِالْجِيمِ مِنَ الْجَوَلَانِ أَيْ وَدَارَتْ (يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّبَقِ) : أَيْ فِي جَوَانِبِهِ وَحَوَالَيْهِ - وَهَذَا تَعْلِيمٌ فِعْلِيٌّ لِبَيَانِ الْجَوَازِ (فَقَالَ) : تَأْكِيدًا لِمَا فُهِمْ مِنَ الْفِعْلِ (يَا عِكْرَاشُ! كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ) : أَيِ الْآنَ، وَالظَّاهِرُ اسْتِثْنَاءُ الْأَوْسَطِ، فَإِنَّهُ مَحَلُّ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا لِلَوْنٍ وَاحِدٍ أَوْ بِالْمُخْتَلِطِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، (فَإِنَّهُ) : أَيِ التَّمْرَ الْمَوْجُودَ فِي الطَّبَقِ (غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ) : بَلْ أَلْوَانٌ كَمَا! سَبَقَ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْفَاكِهَةَ إِذَا كَانَ لَوْنُهَا وَاحِدًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْبِطَ بِيَدِهِ كَالطَّعَامِ، وَعَلَى أَنَّ الطَّعَامَ إِذَا كَانَ ذَا أَلْوَانٍ يَجُوزُ أَنْ يَخْبِطَ وَيَأْكُلَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ يُرِيدُهُ. ( «ثُمَّ أُتِينَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ وَمَسَحَ بِبَلَلِ كَفَّيْهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ، وَقَالَ: يَا عِكْرَاشُ! هَذَا الْوُضُوءُ» ) : أَيِ الْعُرْفِيُّ (مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ) : أَيْ مَسَّتْهُ، فَإِنَّ الْمَاءَ يُطْفِئُ الْحَرَارَةَ. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: " مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ " خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَ " مِنْ " ابْتِدَائِيَّةٌ أَيْ: هَذَا الْوُضُوءُ لِأَجْلِ طَعَامٍ طُبِخَ بِالنَّارِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>