٣٥٧٠ - وَعَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ» .
(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْهَا وَلَمْ يُرْفَعْ وَهُوَ أَصَحُّ) .
ــ
٣٥٧٠ - (وَعَنْهَا) : أَيْ عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ادْرَأُوا) : بِفَتْحِ الرَّاءِ أَمْرٌ مِنَ الدَّرْءِ أَيِ: ادْفَعُوا (الْحُدُودَ) : أَيْ إِيقَاعَهَا (عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أَيْ مُدَّةَ اسْتِطَاعَتِكُمْ، وَقَدْرَ طَاقَتِكُمْ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) : أَيْ لِلْحَدِّ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْحُدُودِ (مَخْرَجٌ) : اسْمُ مَكَانٍ أَيْ عُذْرٌ يَدْفَعُهُ (فَخَلُّوا سَبِيلَهُ) : أَيِ اتْرُكُوا إِجْرَاءَ الْحَدِّ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ لَهُ لِلْمُسْلِمِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي رِوَايَةِ: فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجًا، فَالْمَعْنَى اتْرُكُوهُ أَوْ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ، (فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ) : أَيْ خَطَؤُهُ (فِي الْعَفْوِ) : مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ) : وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ: لِأَنْ يُخْطِئَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهِيَ لَامُ الِابْتِلَاءِ، وَقَالَ الْمُظْهِرُ: بِأَنْ يُخْطِئَ أَوْ ; لِأَنْ يُخْطِئَ إِشَارَةٌ إِلَى حَذْفِ يَاءِ السَّبَبِيَّةِ، أَوْ لَامِ الْعِلَّةِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ، بَلْ وَلَا مَعْنَى فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ: يَعْنِي ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيَّ، فَإِنَّ الْإِمَامَ إِذَا سَلَكَ سَبِيلَ الْخَطَأِ فِي الْعَفْوِ الَّذِي صَدَرَ مِنْكُمْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْلُكَ سَبِيلَ الْخَطَأِ فِي الْحُدُودِ، فَإِنَّ الْحُدُودَ إِذَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِنْفَاذُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: نَزَلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَهُوَ: ( «تَعَافَوُا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ» ) . وَجُعِلَ الْخِطَابُ فِي الْحَدِيثِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ رَجُلٍ، وَبُرَيْدَةَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ، فَيَكُونُ الْخِطَابُ لِلْأُمَّةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلرَّجُلِ: (أَبِكَ جُنُونٌ؟) ثُمَّ قَوْلِهِ: (أُحْصِنْتَ؟) وَلِمَاعِزٍ (أَبِكَ جُنُونٌ؟) ثُمَّ قَوْلِهِ: (أَشَرِبَ؟) ; لِأَنَّ كُلَّ هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْرَأَ الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ. قُلْتُ: هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute