٣٥٦٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ» ) . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٣٥٦٩ - (وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَقِيلُوا) : أَمْرٌ مِنَ الْإِقَالَةِ (ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ) : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: زَلَّاتِهِمْ (إِلَّا الْحُدُودَ) . أَيْ إِلَّا مَا يُوجِبُ الْحُدُودَ، وَالْخِطَابُ مَعَ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ ذَوِي الْحُقُوقِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْمُؤَاخَذَةَ وَالتَّأْدِيبَ عَلَيْهَا، وَأَرَادَ مِنَ الْعَثَرَاتِ مَا يَتَوَجَّهُ فِيهِ التَّعْزِيرُ لِإِضَاعَةِ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، وَمِنْهَا مَا يُطَالَبُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ، فَأَمْرُ الْفَرِيقَيْنِ بِذَلِكَ نَدْبٌ وَاسْتِحْبَابٌ بِالتَّجَافِي عَنْ زَلَّاتِهِمْ، ثُمَّ إِنْ أُرِيدَ بِالْعَثَرَاتِ الصَّغَائِرُ وَمَا يَنْدُرُ عَنْهُمْ مِنَ الْخَطَايَا، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَوِ الذُّنُوبُ مُطْلَقًا، وَبِالْحُدُودِ مَا يُوجِبُهَا مِنَ الذُّنُوبِ فَهُوَ مُتَّصِلٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي تَفْسِيرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ: هُوَ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ ذَنْبُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْهَيْئَةُ الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْهَيْئَةُ فِي الْأَصْلِ صُورَةٌ أَوْ حَالَةٌ تَعْرِضُ لِأَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ فَيَصِيرُ بِسَبَبِهَا مَقُولًا عَلَيْهَا إِنَّهَا وَاحِدَةٌ ثُمَّ يُطْلَقُ عَلَى الْخَصْلَةِ، فَيُقَالُ لِفُلَانٍ هَيْئَاتٌ أَيْ خِصَالٌ، الْمُرَادُ بِذَوِي الْهَيْئَاتِ أَصْحَابُ الْمُرُوءَاتِ وَالْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ، وَقِيلَ: ذَوُو الْوُجُوهِ بَيْنَ النَّاسِ اه. وَالْمَعْنِيُّ بِهِمُ الْأَشْرَافُ، وَقِيلَ: أَهْلُ الصَّلَاحِ وَالْوَرَعِ، وَقِيلَ: خَوْفًا كَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَافَ تَغَيُّرَ الزَّمَانِ، وَمَيْلَ النَّاسِ إِلَى الْمُدَاهَنَةِ مَعَ الْأَكَابِرِ فِي التَّجَاوُزِ وَالسَّتْرِ إِلَى أَنْ يَتْرُكُوا إِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ، وَعَلَى مَنْ يُلَازِمُهُمْ مِنْهُمْ أَوْ طَمَعًا فِيهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَيْهِمْ كَمَا يُقِيمُونَ عَلَى السُّوقَةِ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَفْوُ فَلْيَقَعْ فِيمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، فَأَتَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُسْلُوبٍ لَطِيفٍ حَتَّى لَا يَتَأَذَّى الْأَكَابِرُ بِتَصْرِيحِ الْعِبَارَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْمُرَادَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَفْظُهُ ( «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ، وَأَقِيلُوا الْكِرَامَ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute