للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

النَّاسِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ: يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَأَهْلُ الْفَضْلِ فِي غَيْرِهِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْفُسَّاقِ وَالْمَقْتُولِينَ فِي الْمُحَارَبَةِ وَالْحُدُودِ وَأَوْلَادِ الزِّنَا، سِوَى قَتَادَةَ فَإِنَّهُ مَنَعَ مِنْ أَنْ يُصَلَّى عَلَى أَوْلَادِ الزِّنَا. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ يُكَفِّرُ ذَنْبَ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي حُدَّ بِهَا. فَإِنْ قِيلَ: مَا بَالُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ لَمْ يَقْنَعَا بِالتَّوْبَةِ، وَهِيَ مُحَصِّلَةٌ لِغَرَضِهَا مِنْ سُقُوطِ الْإِثْمِ، فَأَصَرَّا عَلَى الْإِقْرَارِ، فَرَجَمَهَا؟ . فَالْجَوَابُ: أَنَّ تَحْصِيلَ الْبَرَاءَةِ بِالْحَدِّ مُتَيَقَّنٌ لَاسِيَّمَا بِمُشَاهَدَةِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا التَّوْبَةُ فَيُخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ نَصُوحًا، وَأَنْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهَا، وَفِيهِ احْتِجَاجٌ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْحِجَازِيِّينَ، أَنَّهُ يُحَدُّ مَنْ وُجِدَ فِيهِ رِيحُ الْخَمْرِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَلَمْ يُقِرَّ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبَى حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِمُجَرَّدِ الرِّيحِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ وَإِقْرَارٍ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا تُرْجَمُ الْحُبْلَى حَتَّى تَضَعَ، سَوَاءٌ كَانَ حَمْلُهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ، لِئَلَّا يُقْتَلَ الْبَرِئُ مِنَ الذَّنْبِ، وَكَذَا لَا تُجْلَدُ، وَأَنَّهُ إِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ وَهِيَ حَامِلٌ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَتُرْضِعَ وَلَدَهَا. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ قَالَ: «رُجِمَ مَاعِزٌ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: " اصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ مِنَ الْغُسْلِ وَالْحَنُوطِ وَالْكَفَنِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ» ". وَأَمَّا صَلَاتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْغَامِدِيَّةِ، فَأَخْرَجَهُ السِّتَّةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: " لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ» ". وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي أَمْرِ مَاعِزٍ قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا، وَصَلَّى عَلَيْهِ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحُوهُ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ دَاوُدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى مَاعِزٍ، وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَفِيهِ مَجَاهِيلُ، فَإِنَّ فِيهِ عَنْ أَبِي بُسْرٍ: حَدَّثَنِي نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ. نَعَمْ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي مَاعِزٍ، وَقَالَ لَهُ خَيْرًا، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، مُعَارِضٌ صَرِيحٌ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمُثْبِتَ أَوْلَى مِنَ النَّافِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>