للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يجدْ مَنْ يُخبِرُه عنها بيقينٍ،

ما استطعْتُم" (١).

ويُستثنى من حالةِ القدرةِ: ما أشارَ إليها صاحبُ الأصلِ بقولِهِ: "إلَّا في نفلِ مسافرٍ، ولو ماشيًا، سفرًا مباحًا، ولو قصيرًا". لكنْ إنْ كان ماشيًا، فعليه الاستقبالُ عند الإحرامِ فقط، إنْ أمكنَ بلا مشقَّةٍ.

قال في "الشرح الكبير" (٢): ولا فرقَ بين النوافلِ المطلقةِ، والسنن الرواتبِ، وسجودِ التلاوةِ، وغيرِها؛ لأنَّه عليهِ السَّلامُ كان يوترُ على بعيرِه. متفقٌ عليه (٣).

وعُلِمَ بهذا: أنَّ استقبالَ (٤) القبلةِ يُشترطُ للفرضِ مطلقًا، وللنافلةِ في الحضرِ، لأنَّه لم يُنقلْ عنه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ الفرضُ في السفرِ وغيرِه، إلا إلى القبلةِ، إلا في صلاةِ الخوفِ، ولا صلاةُ النافلةِ (٥) في الحضرِ إلى غيرِها.

(فإنْ لم يجدْ مَنْ يُخبرُه عنها) أي: عن القبلةِ. بإخبارِ مسلمٍ مكلَّفٍ عدلٍ ظاهرًا وباطنًا، حرًّا كان أو عبدًا، رجلًا أو امرأةً (بيقينٍ) مثلَ أن يقولَ: إنَّ الضمسَ تطلُعُ، أو تغربُ من جهةٍ عَيَّنَها، فيعلمُ أنَّ الجهةَ بينها وبين مقابلتِها، مثلًا. أو يخبرَه أنَّ النجمَ الذي تجاهَهُ الجديُ، فيعلمُ محلَّ القبلةِ منه ونحوِه، لزِمَه العملُ به، ولا يجتهدُ، كالحاكمِ يقبلُ النَّصَ من الثقةِ، ولا يجتهدُ.

وعُلِمَ منه: أنَّه لا يُقبل خبرُ كافرٍ، ولا غيرِ مكلَّفٍ، ولا فاسقٍ، لكن يصحُّ التوجُّهُ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) "الشرح الكبير" (٣٢٤١٣).
(٣) أخرجه البخاري (٩٩٩)، ومسلم (٧٠٠) من حديث ابن عمر.
(٤) في الأصل: "الاستقبال".
(٥) في الأصل: "للنافلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>