للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ القُدرةِ.

وما ذكروه من أنَّه كان يصلِّي بمكَّةَ قبل الهجرةِ إلى بيتِ المقدسِ، هو أحدُ أقوالٍ ثلاثةٍ.

قال الفخر الرازي في تفسيرِه (١)، اختلفوا في صلاتِه إلى بيتِ المقدسِ:

فقال قومٌ: كان بمكَّةَ يصلِّي إلى الكعبةِ، فلمَّا صار إلى المدينةِ، أُمرَ بالتوجهِ إلى بيتِ المقدسِ سبعةَ عشرَ شهرًا.

وقال قومٌ: بل كان بمكةَ يصلِّي إلى بيتِ المقدسِ، إلا أنَّه يجعلُ الكعبة (٢) بينه وبينها

وقال قومٌ: بلْ كان يصلِّي إلى بيتِ المقدسِ فقط بمكَّةَ، وبالمدينةِ أولًا سبعةَ عشرَ شهرًا، ثمَّ أمرَه اللهُ تعالى بالتوجهِ إلى الكعبةِ؛ لما فيه من الصَّلاحِ.

واختُلِفَ: هل كان شروعُ التوجهِ إلى بيتِ المقدسِ بالمدينةِ بالسُّنَّةِ، أو القرآنِ؟ على قولين، ذكرَهما القاضي. وذكرَ ابنُ الجوزيِّ، عن الحسنِ وأبي العاليةِ والربيعِ وعكرمةَ: أنَّه كان برأيه (٣) واجتهادِه.

ومحلُّ كونِ استقبالِ القبلةِ شرطٌ للصلاةِ (مع القدرةِ) عليه، فإنْ عجزَ عنه، كالمربوطِ (٤)، والمصلوبِ إلى غيرِ القبلةِ. والعاجزِ عن الالتفاتِ إلى القبلةِ لمرضٍ، أو منعِ مشركٍ ونحوِه عند التحامِ الحربِ، أو هروبٍ من عدوٍّ، أو سيلٍ، أو سبع، ونحوه، سقطَ الاستقبالُ، وصلَّى على حالِهِ، لحديثِ: "إذا أمرتُكم بأمرٍ، فأتوا منه


(١) في الأصل: "تفسير". وانظر "تفسير الرازي" (٩٣١٤).
(٢) في الأصل: "القبلة".
(٣) في الأصل: "يريد".
(٤) في الأصل: "بالمربوط".

<<  <  ج: ص:  >  >>