للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب (١) احتجم وهو صائم، فمرّ به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أفطر هذان» ثم رخّص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم (٢).


(١) هو: جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو عبد الله، وابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحد السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة، وأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه، ثم هاجر إلى المدينة فقدم والنبي -صلى الله عليه وسلم- بخيبر، واستشهد بمؤتة من أرض الشام، سنة ثمان في جماد الأولى. انظر: الإصابة ١/ ٢٧٢.
(٢) أخرجه الدارقطني في سننه ٢/ ١٨٢، وابن شاهين في ناسخ الحديث ص ٤٣٢، والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٤٤٧، والحازمي في الاعتبار ص ٣٥٤، وابن العربي في القبس ٩/ ٢٢١. قال الدارقطني-وأقره البيهقي-: (كلهم ثقات، ولا أعلم له علة). وقال ابن عبد الهادي في التنقيح ٢/ ٣٢٦ - بعد ذكر قول ابن الجوزي: (قد قال أحمد بن حنبل: خالد بن مخلد له أحاديث مناكير) -: (وقالوا: هذا حديث منكر لا يصح الاحتجاج به؛ لأنه شاذ الإسناد والمتن، ولم يخرجه أحد من أئمة الكتب الستة، ولا رواه أحمد في مسنده، ولا الشافعي، ولا أحد من أصحاب المسانيد المعروفة، ولا يعرف في الدنيا أحد رواه غير الدارقطني عن البغوي-إلى أن قال: -وكيف يكون هذا الحديث صحيحاً سالماً من الشذوذ والعلة، ولم يخرجه أحد من أئمة الكتب الستة، ولا المسانيد المشهورة، وهم محتاجون إليه أشد حاجة-إلى أن قال: - وقوله في رواة هذا الحديث: كلهم ثقات ولا أعلم له علة، فيه نظر من وجوه: أحدها: أن الدارقطني نفسه تكلم في رواية عبد الله بن المثنى، وقال: ليس هو بالقوي في حديث رواه البخاري في صحيحه. والثاني: أن خالد بن ملخد القطواني، وعبد الله بن المثنى قد تكلم فيهما غير واحد من الحفاظ، وإن كانا من رجال الصحيح. - إلى أن قال: -الثالث: أن عبد الله بن المثنى قد خالفه في روايته عن ثابت هذا لحديث أمير المؤمنين في الحديث-إلى أن قال: - ثم إن سلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه حجة؛ لأن جعفر بن أبي طالب قتل في غزوة مؤتة، وكانت غزوة مؤتة قبل الفتح، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أفطر الحاجم والمحجوم) كان عام الفتح بعد قتل جعفر). ويؤخذ على قول ابن عبد الهادي: (ولا يعرف في الدنيا أحد رواه غير الدارقطني عن البغوي) بأن ابن شاهين رواه كذلك عن طريق البغوي، فلم ينفرد به الدارقطني. كما يؤخذ عليه تعليله للحديث بأنه لم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة ولا أحد من أصحاب المسانيد والسنن المشهورة غير الدارقطني. بأن هذا ليس علة قادحة في الحديث. على أن حديث أنس هذا معناه معنى حديث أبي سعيد الخدري السابق، وهو قد رواه بعض أصحاب المصنفات المشهورة. كما أنه يوجد من أصحاب المصنفات المشهورة من روى عن أنس بن مالك ما يوافق معناه مع رواية أنس السابقة،
ومنها الرواية الآتية بعد هذه الرواية.
وقال ابن حجر في الفتح ٤/ ٢١٠: (رواته كلهم من رجال البخاري، إلا أن في المتن ما ينكر؛ لأن فيه أن ذلك كان في الفتح، وجعفر كان قتل قبل ذلك). وذكر الشيخ الألباني في الإرواء ٤/ ٧٣، قول الدارقطني والبيهقي، ثم قال: (وهو كما قالا) ثم ذكر ما قاله ابن حجر، ثم قال: (كذا قال، وليس في المتن، حتى ولا في سياق الحافظ أن ذلك كان في الفتح، فالله أعلم.).

<<  <  ج: ص:  >  >>