ولا يشترط لصحة القسامة مع العداوة الظاهرة: أن لا يكون في الموضع
الذي به القتل غير العدو. نص عليه، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسئل الأنصار هل كان بخيبر غير اليهود أو لا؟ مع أن الظاهر وجود غيرهم فيها، لأنها كانت أملاكا للمسلمين يقصدونها لأخذ غلال أملاكهم. واشترطه القاضي.
(وليس مغلب على الظن صحة الدعوى، كتفرق جماعة عن قتيل،
ووجوده) أي: وجود القتل (عند من معه محدد)، كسكين وسيف (ملطخ
بدم) بلوث على الأصح، (و) لا (شهادة من لم يثبت بهم قتل)، كالنساء
والصبيان (بلوث) على الأصح، (كقول مجروح: فلان جرحني) " لقول
أحمد في الذي قتل في الزحام يوم الجمعة: ديته في بيت المال.
وروي ذلك عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما، فإن سعيدا روى في
" سننه " عن إبراهيم قال: " قتل رجل في زحام الناس بعرفة. فجاء أهله إلى
عمر. فقال: بينتكم على من قتله. فقال علي: يا أمير المؤمنين! لا يظل دم
امرئ مسلم. إن علمت قاتله وإلا فأعط ديته من بيت المال " (١) .
وقال أحمد فيمن وجد مقتولا في المسجد الحرام: ينظر من كان بينه وبينه
شيء في حياته يعني: عداوة. فلم يحصل الحضور لوثا وإنما جعل اللوث
العداوة، لأن اللوث إنما ثبت بالعداوة بقضية الأنصاري الذي قتل بخيبر.
ولا يجوز القياس عليها، لأن الحكم يثبت بالمظنة. ولايجوز القياس في المظان، لأن الحكم إنما يتعدى بتعدي سببه، والقياس في المظان جمع بمجرد الحكمه، وغلبة الظنون والحكم بالظنون مختلف ولا يأتلف ويتخبط ولا ينضبط، ويختلف باختلاف القرائن والأحوال والأشخاص. فلا يمكن ربط الحكم بها ولا تعديته
بتعديها.
ولأنه يعتبر في التعديه والقياس التساوي بين الأصل والفرع في المقتضى،
ولا سبيل إلى يقين التساوي بين الظنين مع كترة الاحتمالات وترددها. وقد روى
(١) سبق تخريجه ص (٣٧٥) رقم (٢).