للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موضوعها فهل يفسد العقد بذلك أو يجعل كناية عما يمكن صحته على ذلك الوجه؟ فيه خلاف يلتفت إلى أن المغلب هل هو اللفظ أو المعنى؟. ويتخرج على ذلك مسائل:

منها: لو أعاره وشرط عليه العوض هل يصح أم لا؟ على وجهين:

أحدهما: يصح ويكون كناية عن القرض، فيملكه بالقبض إذا كان مكيلاً أو موزوناً. ذكره أبو الخطاب في " انتصاره " وكذلك ذكر القاضي في " خلافه " وأبو الخطاب في موضع من " رؤوس المسائل ": أنه يصح عندنا شرط العوض في العارية، كما يصح شرط العوض (١) في الهبة؛ لأن العارية هبة منفعة ولا تفسد بذلك، مع أن القاضي قرر (٢) أن الهبة المشروط فيها العوض ليست بيعاً، وإنما الهبة تارة تكون تبرعاً وتارة تكون بعوض. وكذلك العتق، ولا يخرجان عن موضوعهما فكذلك العارية، فهذا مأخذٌ آخر للصحة.

والوجه الثانى: أنها تفسد بذلك. وجعله أبو الخطاب في موضع آخر المذهب؛ لأن العوض يخرجها عن موضوعها.

وفي " التلخيص ": إذا أعاره عبده على أن يعيره الآخر فرسه فهي إجارة فاسدة غير مضمونة، وهذا رجوع إلى أنها كناية في عقد آخر، والفساد إما أن يكون لاشتراط عقد في عقد آخر، وإما لعدم تقدير المنفعتين، وعليه خرجه الحارثي. انتهى.

فعلم من ذلك: أن الراجح من الوجهين: أن الفساد؛ لعدم تقدير المنفعين.

فإذا أُقتت العارية وكان العوض معلوما كانت إجارة صحيحة. والله أعلم. (وإعارة نقد، ونحوه)؛ كالمكيلات وسائر الموزونات (لا لما يستعمل

فيه) المعار، (مع بقائه)؛ كما لو استعار النقد لينفقه أو المكيل أو الموزون ليأكله: (قرض)؛ لأن هذا معنى القرض. فانعقد القرض به؛ كما لو صرح به.


(١) في ج: التعو يض.
(٢) في ج: قرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>