للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وهذا الجواب غير مُسَلَّم للمؤلف، ولم أجد من ناقشه فيه من قبل، مع أنه يبدو لي أن ما يَرِدُ عليه وعلى توجيهه له لا يقلُّ عما تُعقِّبَ به أحد الأجوبة التي ردها هو واعتبرها مرغوبًا عنها؛ فمن ذلك قوله: إن لفظة "حسن" لا يُراد بها المعنى الاصطلاحي لها إذا جاءت مع لفظ "صحيح"، فهذا يَرُدُّه ما تقدم في رد القول بحمل لفظ "حسَن" على المعنى اللُّغوي اذا جاءت مع لفظ "صحيح"؛ وذلك أن الترمذي لما أكثر من استعمال هذه العبارات المركبة مع التنويع في تركيبها عَرَفْنا أنه لا محالة جَارٍ في ذلك مع الاصطلاح في الألفاظ التي يستعملها ومن ضمنها لفظ "حسن"، ويضاف لذلك قوله: "وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن، فإنما أردنا حَسُن إسناده" فذلك عام شامل لجميع صور ذكره للفظ "حسن"، مُفرَدًا أو مُركبًا، ما لم يقيده الترمذي نفسُه بقيد، ثم استأنف لبيان بقية شروط الحسن الذي يذكره مفردًا عن الصحيح، -فقال: "كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم الخ" / جامع الترمذي ٥/ ٤١٣ وانظر النكت الوفية/ ٨٦ أ، ب والتدريب ١/ ١٦٣ وتوضيح الأفكار ١/ ٢٤٥، وبذلك ينتفى ألَّا يُراد بالحسَن المعنى الاصطلاحي إذا رُكب مع الصحيح.
ومن ذلك قول المؤلف: إن الجمع بين الحُسن والصحة يشبه في عدم المنافاة، الجمعَ بين "صحيح" وبين كل من: مشهور، ومعروف، فهذا أيضًا قياس مع الفارق؛ لأن المعروف والمشهور الاصطلاحيان يمكن اجتماعهما مع الصحة في حديث واحد بدون تناف؛ لأن منهما صحيح، وغير صحيح/ شرح التبصرة والتذكرة للعراقي ٢/ ٢٦٨ وشرح شرح النخبة/ ٨٧ والتدريب ١/ ٢٤١، بخلاف الحسن فإنه قاصر عن الصحيح حتى عند من سمى الحَسَن صحيحًا، كما سيأتي في الرد على بقية كلام المؤلف.
ومن ذلك قوله: وليس وضع الحَسَن على هذا النوع من الحديث مما تقدم الترمذي أحدٌ لوضعه، فهذه ثالث مرة يقرِّر فيها المؤلف عدمَ سبق الترمذي إلى استعمال الحسن بالمعنى الاصطلاحي عنده، وقد مَرّ الرد الكافي عن ذلك فراجعه ص ١٩٦، ١٩٧، ٢٠١ - ٢٠٤ ت.
أما استدلاله بقوله ابن الصلاح: "إنّ من أهل الحديث من يُدرج الحَسَن في =

<<  <  ج: ص:  >  >>