" فصل ": ثُمَّ تصور إقبال الوحوش من البراري منكسة رؤوسها لهول يوم القيامة فبعد توحشها وانفرادها من الخلائق ذلت ليوم النشور، قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} .
وتصور تكوير الشمس وتناثر النجوم وانشقاق السماء من فوق الخلائق مَعَ كثافة سمكها فيا هول صوت ذَلِكَ الانشقاق.
والملائكة على حافات ما يتفطر من السماء، قَالَ تَعَالَى {وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} وقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} . وقَالَ تَعَالَى:{إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} . قِيل تذوب كما تذوب الفضة فِي السبك وتتلون كما تلون الأصباغ التي يدهن بها فتَارَّة حمراء وتَارَّة صفراء وزرقاء وخضراء وَذَلِكَ من شدة الأَمْر وهول يوم القيامة، وقَالَ تَعَالَى:{يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ} قِيْل كالفضة المذابة أَوْ الرصاص المذاب، وقَالَ تَعَالَى:{يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً} .
فتصور وقوفك مفردًا عريانًا حافيًا وقَدْ أدنيت الشمس من رؤوس الخلائق ولا ظِلّ إلا ظِلّ عرش رب العالمين، فبينما أَنْتَ على تلك الحال المزعجة اشتد الكرب والوهج من حر الشمس ثُمَّ ازدحمت الأمم وتدافعت وتضايقت واختلفت الأقدام وانقطعت الأعناق من شدة العطش والخوف العَظِيم.