للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الْحَشْر ٨ وَجه الدّلَالَة تَسْمِيَة الله إيَّاهُم صَادِقين وَمن شهد لَهُ الله سُبْحَانَهُ بِالصّدقِ لَا يكذب فَعلم أَن مَا أطبقوا عَلَيْهِ من قَوْلهم لأبي بكر يَا خَليفَة رَسُول الله هم صَادِقُونَ فَحِينَئِذٍ كَانَت الْآيَة شاهدة على خِلَافَته أخرجه الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ عَن الإِمَام أبي بكر بن عَيَّاش وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {اهدِنَا الصِّرَاط المُستَقِيم صرَاط الَّذين أنعمتَ عليهِم} الفاتحه ٦، ٧ قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ هَذِه الْآيَة تدل على خِلَافَته أبي بكر لِأَن تَقْدِير الْآيَة اهدنا صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم وَالله تَعَالَى بَين فِي الْآيَة الْأُخْرَى الَّذين أنعم عَلَيْهِم بقوله {فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النبين وَالصدِيقِينَ وَالشُهَداء وَالصالِحينَ} النِّسَاء ٦٩ وَلَا شكّ أَن رَأس الصديقين وَرَئِيسهمْ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَكَانَ معنى الْآيَة أَن الله أَمر أَن نطلب الْهِدَايَة الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَبُو بكر وَسَائِر الصديقين وَلَو كَانَ أَبُو بكر ظالمَاً لما جَازَ الِاقْتِدَاء بِهِ فَثَبت بِمَا ذَكرْنَاهُ دلَالَة الْآيَة على إِمَامَة أبي بكر وحقيتها وَاعْلَم أَنه

لم ينص بالخلافة على أحد بِعَيْنِه عِنْد الْمَوْت وَإِنَّمَا وَردت مِنْهُ ظواهر تدل على أَنه علم بإعلام الله تَعَالَى لَهُ أَنَّهَا لأبي بكر فَأخْبر بِتِلْكَ الظَّوَاهِر وَلم يُؤمر بالتنصيص على أحد بِعَيْنِه وَقد مرت الْإِشَارَة إِلَى هَذَا الْمَعْنى فِيمَا تقدم قَرِيبا وَلَو وَجب على الْأمة مبايعة غير أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لبالغ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي تَبْلِيغ ذَلِك الْوَاجِب إِلَيْهِم بِأَن ينص عَلَيْهِ نصا جلياً بِنَقْل شهير حَتَّى يبلغ الْأمة مَا لَزِمَهُم فَلَمَّا لم ينْقل ذَلِك مَعَ توفر الدَّوَاعِي إِلَى نَقله دلّ على أَنه لَا نَص وتوهم أَن عدم تبليغه للْأمة لعلمه بِأَنَّهُم لَا يأتمرون بأَمْره فَلَا فَائِدَة فِي التَّبْلِيغ بَاطِل فَإِن ذَلِك غير مسْقط عِنْد وجوب التَّبْلِيغ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَلا ترى أَنه بلغ سَائِر التكاليف للآحاد الَّذين علم مِنْهُم أَنهم لَا يأتمرون فَلم يسْقط الْعلم بِعَدَمِ ائتمارهم التَّبْلِيغ عَنهُ وَاحْتِمَال أَنه بلغ أَمر الْإِمَامَة سرا للْوَاحِد والاثنين وَأَنه نقل كَذَلِك لَا يُفِيد لِأَن سَبِيل مثل هَذِه الشُّهْرَة لصيرورته بِتَعَدُّد التَّبْلِيغ وَكَثْرَة المبلغين أمرا مَشْهُورا إِذْ هُوَ من أهم الْأُمُور لما يتَعَلَّق بِهِ من مصَالح الدّين وَالدُّنْيَا مَعَ مَا فِيهِ من دفع مَا قد يتَوَهَّم فِيهِ من إثارة الْفِتْنَة وَاحْتِمَال أَنه بلغ ذَلِك مشتهراً وَلم ينْقل

<<  <  ج: ص:  >  >>