للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه عالمٌ بأدلتِها، فكذلك المجتهدُ في الشرعِ، لا يجوزُ له التقليدُ في الفروعِ؛ لأنَّه عالمٌ بأدلتِها (١).

الدليل الثالث عشر: أنَّ المجتهدَ يتمكنُ مِن الوقوفِ على الحكمِ باجتهادِه، فلم يجزْ له العدولُ عن الوقوفِ على الحُكمِ باجتهادِه إلى ما هو أنقص منه، كما لا يجوزُ للمتمكنِ مِن العلمِ العدولُ إلى الظنِّ (٢).

مناقشة الدليل الثالث عشر: نوقش هذا الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ العقلَ لا يمنعُ مِنْ أنْ تكونَ مصلحةُ المتمكِّنِ مِن العلمِ العملَ على ظنِّه، فالأصلُ في قياسِكم غيرُ مسلَّمٍ (٣).

ويمكن الجواب عن الوجه الأول: بأنَّ المستقرَّ في العقلِ أنَّ اتباعَ الإنسانِ الطريقَ الموثوقَ به أرجحُ ممَّا هو أقلُّ وثوقًا.

الوجه الثاني: يلزمُ مِنْ دليلِكم عدمُ جوازِ التقليدِ للعامي إذا تمكّنَ مِن التفقه (٤).

ويجاب عن الوجه الثاني: بالجواب المتقدمِ عن المناقشةِ الثالثةِ في الدليلِ العاشرِ.

الدليل الرابع عشر: أنَّ المجتهدَ متعبَّدٌ باجتهادِه وبعملِه بما توصّل إليه؛ لأنَّه بذلك يكونُ مطيعًا لله تعالى؛ لأنَّ اللهَ تعالى أرادَ مِن المجتهدين أنْ يجتهدوا في أدلةِ الشرعِ، وليس بعضُ المجتهدين أولى بذلك مِنْ بعضٍ، ولا يصحُّ إثباتُ بَدَلٍ لما أرادَه اللهُ مِن المجتهدين إلا لدلالةٍ سمعيةٍ أو عقليةٍ، ولا دليلَ يدلُّ عليها، فَوَجَبَ نفيُه (٥).


(١) انظر: أدب القاضي للماوردي (١/ ٦٤٨)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٣).
(٢) انظر: المعتمد (٢/ ٩٤٥)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٢).
(٣) انظر: المعتمد (٢/ ٩٤٥).
(٤) انظر: المصدر السابق.
(٥) انظر: المعتمد (٢/ ٩٤٥)، وقواطع الأدلة (٢/ ١٦٩)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>