للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتناعُه مع عدمِه (١).

يقولُ صفيُّ الدينِ الهندي: "الفرقُ ظاهرٌ - أيْ: بين الحالِ التي توصّلَ المجتهدُ فيها إلى رأي، والحالِ التي لم يجتهدْ فيها - وهو: أنَّ بعدَ الاجتهادِ حَصَلَ له الظنُّ القوي بالحكمِ، فلا يجوزُ له العدولُ عنه إلى الظنِّ الضعيفِ، بخلافِ ما قبلَ الاجتهادِ؛ فإنّه لم يحصلْ له هذا الظنُّ، وانْ كانت القدرة عليه حاصلةً" (٢).

الوجه الثالث: يلزم مِنْ دليلِكم عدمُ جوازِ التقليدِ للعامي؛ فإنَّه لا يأمن لو تفقّه أنْ يؤديه اجتهادُه إلى خلافِ ما أفتاه به العالمُ، مع أنَّ العاميَّ يجوزُ له التقليدُ في هذه الحالةِ (٣).

الجواب عن الوجه الثالث: أنَّ ثمة فرقًا بين المجتهدِ والعامي؛ فالعاميُّ ليس معه آلةُ الاجتهادِ أصلًا، ولو أرادَ أنْ يتعلمَ علومَ الاجتهادِ لخَرَجَ وقتُ الحادثةِ، وانقطع عن مصالحِ دنياه، ثم بعد ذلك رُبَّما وصلَ إلى رتبةِ الاجتهادِ، ورُبَّما لم يصلْ، بخلافِ المجتهدِ (٤).

الدليل الحادي عشر: لا يجوزُ للمجتهدِ بعد اجتهادِه وتوصّلِه إلى رأي محددٍ أنْ يقلِّدَ أحدًا، فكذلك لا يجوزُ له التقليدُ قبلَ الاجتهادِ؛ لوجودِ الجامعِ بين الحالين، وهو الاتصافُ بالاجتهادِ (٥).

مناقشة الدليل الحادي عشر: نوقش الدليل بالوجهِ الثاني في مناقشةِ الدليلِ العاشرِ.

الدليل الثاني عشر: أنَّ المجتهدَ في القِبلةِ لا يقلِّدُ غيرَه في تحديدِها؛


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٤٠٥).
(٢) نهاية الوصول (٨/ ٣٩١٣).
(٣) انظر: المعتمد (٢/ ٩٤٤)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٢).
(٤) انظر: التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٢).
(٥) انظر: تيسير التحرير (٤/ ٢٢٩)، وفواتح الرحموت (٢/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>