فان قيل حُدُوث الْحَادِث لَا يُغير الْأَحْكَام فحدوث الصَّلَاة إِذن لَا يُغير وجوب الْوضُوء قيل لَيْسَ يمْتَنع أَن تخْتَلف الْمصَالح بحدوث الْحَوَادِث وَلِهَذَا جَازَ وُرُود النَّص باسقاط الْوضُوء عَن الرَّائِي للْمَاء فِي الصَّلَاة مَعَ وُجُوبه على من رَآهُ قبل الصَّلَاة
فان قيل لَو لم يَتَعَدَّ الحكم من حَالَة إِلَى حَالَة لوَجَبَ قصره على الزَّمَان الْوَاحِد قيل كَذَلِك يجب إِلَّا أَن يكون دَلِيل الحكم وعلته قد عَم الْأَزْمِنَة فان قيل فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الشَّيْطَان يَأْتِي أحدكُم فيخيل أَنه أحدث فَلَا ينصرفن حَتَّى يجد ريحًا أَو يسمع صَوتا فَأوجب اسْتِدَامَة الحكم قيل إِنَّا لَا نمْنَع من تعدى الحكم من حَالَة إِلَى حَالَة لدلَالَة وَإِنَّمَا نمْنَع من ذَلِك لَا لدلَالَة وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ دلَالَة فان قيل أَلَيْسَ بعض الْفُقَهَاء قد جعل حكم الشاك فِي الْحَدث بعد تَيَقّن الطَّهَارَة كحكمه قبل الشَّك فِيهَا فِي إِسْقَاط الْوضُوء قيل إِن هَؤُلَاءِ إِن جمعُوا بَينهمَا لدلَالَة أَو عِلّة وَإِلَّا فَهُوَ مَوضِع الْخلاف على أَن ذَلِك خَارج عَمَّا نَحن بسبيله لِأَن الأَصْل فِي الْعقل أَن لَا وضوء فاذا لم يدل على وُجُوبه على الشاك فِي الْحَدث دَلِيل شَرْعِي فَالْوَاجِب الْبَقَاء على حكم الأَصْل لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاجِبا لدل الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِك وجوب الْوضُوء على من رأى المَاء لِأَن الْوضُوء لَيْسَ هُوَ حكم الْعقل حَتَّى يلْزم الْبَقَاء عَلَيْهِ مَا لم تدل على خِلَافه دلَالَة
فان قيل الْيَسْ إِذا اخْتلفُوا فِي الْمَسْأَلَة على اقاويل يجوز الْأَخْذ بِأَقَلّ مَا قيل إِذا لم تدل على الزِّيَادَة دلَالَة قيل لِأَن أقل مَا قيل مُتَّفق عَلَيْهِ وَالزِّيَادَة إِذا كَانَت حكما شَرْعِيًّا فَيجب نَفيهَا إِذا لم يدل عَلَيْهَا دَلِيل وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الِاسْتِدْلَال بِبَرَاءَة الذِّمَّة