الثالث أن يبيت الصيام في السفر ثم يفطر، فإن كان عن تأول، فظاهر المدونة التكفير، وقال أشهب -رحمه الله تعالى -لا كفارة عليه، واستظهره ابن رشد -رحمه الله تعالى -وإن كان عن غير تأول، فالمشهور وجوب الكفارة، وقد قال ابن الماجشون - رحمه الله تعالى -بجواز فطره ابتداء.
الرابع أن يبيت الصيام في السفر ثم يقدم على أهله فيفطر، وعليه الكفارة، انظر المواهب.
قوله: والصوم عندنا لذي اقتدار البيت، معناه أن الصوم في السفر المبيح للفطر لمن يقوى عليه، أفضل عند مالك -رحمه الله تعالى -في المشهور عنه، وذلك لفعله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقال ابن الماجشون الفطر أفضل لقوله سبحانه وتعالى:(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وروى أشهب -رحمه الله تعالى -استواءهما، وقال ابن حبيب -رحمه الله تعالى -الصوم أفضل إلا في الجهاد.
قوله: ومن يسافر سفرا أقلا البيتين، معناه أن من سافر سفرا لا تقصر فيه الصلاة لقصره، فظن جواز الفطر فأفطر فلا كفارة عليه، لأنه متأول تأويلا قريبا، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز فطره، ومفهوم الظن أنه لو شك أو توهم فقط وجبت عليه الكفارة، قال في المواهب: وهو ظاهر لأنهم مع ظن الإباحة يسقط عنهم الإثم، كما سيأتي في كلام ابن رشد - رحمه الله تعالى - وأما مع عدم ظن الإباحة فلا يجوز لهم الإقدام على الفطر، وهم آثمون في إقدامهم على الإفطار مع الشك، أو مع التوهم، فإن أفطروا فعليهم الكفارة والله سبحانه وتعالى أعلم.