للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان القول عندنا في ذلك ما قاله أبو حنيفة وزفر ومحمد مما وافقهم أبو يوسف عليه في رواية محمد لما قد تقدمهم في ذلك مما ذكرناه عن عبد الله بن عباس، وعن عبد الله بن عمر، ومما وافقهما فيه عبد الله بن الزبير على ما وافقهما فيه منه، ولا نعلم عن أحدٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك خلافاً لهم والقرآن نزل بلغتهم، وهم العالمون بما خوطبوابه فيه، والله عز وجل نسأله التوفيق.

(شرح مشكل الآثار -٩/ ٣٧٤ - ٣٨١)

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن المراد بالداخل الآمن في قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران:٩٧] بني آدم، وليس الصيد، لأن (من) تستعمل لبني آدم دون غيرهم.

كما بين رحمه الله تعالى: أن الآية دالة على أن من ارتكب ما يوجب الحد خارج الحرم، ثم لجأ إلى الحرم أنه يكون آمناً حتى يخرج بنفسه، فيقام عليه الحد خارج الحرم، وأن من قال بخلاف ذلك فالآية دالة على خلاف قوله.

وإليك أولاً: بيان الأقوال في المراد بالداخل الآمن في الآية:

القول الأول: أن المراد بالداخل الآمن هو: بني آدم.

القول الثاني: أن المراد بالداخل الآمن هو: الصيد.

الترجيح: والأولى أن يكون المراد بالداخل الآمن: بني آدم.

لأنه لو كان المراد الصيد لقال: (وما دخله كان آمناً). فلما قال: (ومن دخله كان آمناً) دل ذلك على أن المقصود بني آدم، لأن (ما) أكثر ما تستعمل لغير العاقل. وأما (من) فأكثر ما تستعمل للعاقل، كما في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة:٨] (١)

وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.


(١) انظر: معاني القرآن للنحاس (١/ ٤٤٧) - وشرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (١/ ١٤٠).

<<  <   >  >>