للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)} [آل عمران:٩٧]

قال أبو جعفر الطحاوي: عن جابر، قال: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحِجرْ (١)، فقال: "لا تسألوا الآيات، فإن قوم صالح سألوا، فكانت ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، يعني الناقة: فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوماً، ويشربون لبنها يوماً، فأخذتهم صاعقة أهمدت من تحت أديم السماء منهم إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه"، قالوا: يا رسول الله من هو؟ قال: "أبو رغال فدفن هاهنا" (٢)

قال أبو جعفر: فإذا كان الحرم يمنع في الجاهلية من العقوبات التي معها تلف الأنفس، كان في الإسلام ممن مِثلُ ذلك أمنع، وشد ذلك ما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما فيمن أصاب حداً في غير الحرم، ثم لجأ إلى الحرم. كما .. عند الحجاج (٣) قال: حدثني عطاء: أن ابن عمر وابن عباس، قالا في قول الله عز وجل: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}] آل عمران:٩٧]: الرجل يصيب الحد، ثم يدخله، فلا يُبايع، ولا يُجالس ولا يُؤوى، ولا يُكلم حتى يَخرج منه فَيُتبع، فيؤخذ، فيقام عليه الحد.


(١) قوله: (الحِجْر): بكسر الحاء وسكون الجيم، وهو اسم ديار ثمود، بوادي القرى بين المدينة والشام. (معجم البلدان - ٢/ ٢٢٠).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب: التفسير - باب: تفسير سورة الأعراف - (حـ ٣٢٤٨ - ٢/ ٣٥١) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد:
أهـ.، وأخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٢٦٩).
(٣) الحجاج هو: أبو أرطاة حَجّاج بن أرطاة بن ثور بن هُبيرة النخعي الكوفي القاضي، قال فيه أبو حاتم وغيره: صدوق، مدلس، وكانت
وفاته بخرسان سنة (١٤٥ هـ) (تهذيب الكمال - ٢/ ٥٧).

<<  <   >  >>