بل إن الإسلام جعل مسؤولية الإنسان عما تحدثه به نفسه من معصية في صالحه إذا تخلى عن ذلك خشية للَه وتذكرا له ففي الحديث القدسي يقول الله عز وجل:"إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها سيئة وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإن عملها فاكتبوها عشرا" والأحاديث حول هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على ربط المسؤولية بالسلوك العملي ولكن الإسلام يوضح فرقا بين ما تقدم وبين نوع من أحاديث النفس المرتبطة بالإرادة وسبق الإصرار كما يقولون وهو نوع من السلوك يؤاخذ عليه الإنسان في الإسلام سواء ارتبط بالعمل أم لم يرتبط وهو الذي قال فيه الله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} أو قوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} وقوله عليه الصلاة والسلام:"إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" والمقتول مؤاخذ لأنه دخل تحت طائلة الشروع في القتل وسبق العزم والإصرار على القتل إلا إذا كان دفاعا من المقتول أو القاتل عن نفسه.
وحديث المسؤولية السابق يوضح أن الإنسان في الإسلام لا تقتصر مسئولياته على نفسه وإنما تتدرج هذه المسئوليات من الفرد إلى الأسرة إلى الجماعة إلى الحاكم أو الراعي ففي مسئولية الفرد نحو أسرته يقول الله تعالى {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[٤٥] ، {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً}[٤٦]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[٤٧] . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"[٤٨] .