ولذلك يشترط الإسلام في الشخص المسئول شروطا تبين الأهلية كشرط العقل والبلوغ والحرية في الإرادة والاختيار والقبول والرفض والقدرة على التحمل، فالمجنون غير مطالب بالمسؤوليات وكذلك الصغير والذي لا يملك إرادة نفسه أولا يستطيع تنفيذ اختياراته ولذلك أخرج الإسلام من دائرة المسؤولية المجنون والنائم والناسي والمضطر {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} وكذلك {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[٤١] كما أخرج ما تتحدث به نفس الإنسان من هواجس ووساوس إلا إذا ترجمت أحاديث النفس إلى أفعال فعندما نزل قول الله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[٤٢] اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهرعوا إليه يتساءلون عن مؤاخذتهم على حديث نفوسهم وهواجس قلوبهم فطلب منهم أن يسمعوا ويطيعوا فنزلت الآيات التالية لها قال ابن عباس: "فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها وصار الأمر إلى أن قضى الله عز وجل أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول والفعل"[٤٣] ، فالمسؤولية على قدر طاقة الإنسان وقدرته {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} ، وتكاليف الإسلام كلها من واجبات وفرائض وسنن وغيرها لا تجد فيها أمرا خارجا عن طاقة الإنسان فهي تكاليف ليست شاقة ومتعبة بحيث يعجز عنها الإنسان وليست سهلة وبسيطة بحيث يستهتر بها الإنسان ويستهزئ وهو مع مسؤوليته غير مخاطب على النسيان والخطأ {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا