للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذلك كله دعا القرآن إلى تحرير العقل البشري والتأمل في ملكوت الله والكون بنظامه وتنسيقه وآياته وحقائق الوجود الدالة على عظمة الخالق المدبر المنسق {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [٣٢] . والنظر في الكون والتأمل في ملكوت الله جعل كثيرا من علماء الغرب فضلا عن المسلمين يؤمنون بأن لهذا الكون خالقا ولنظامه مدبرا يقول (أوبختون) : "إن من وراء هذا الكون عقلا مدبرا حكيما، هذا العقل هو الروح الأعظم، هو الله سبحانه وتعالى"ويقول العالم (بليغن) في كتابه (العلم ينظر إلى السماء) : "إن الكون كله بنجومه المختلفة الأحجام التي لا حصر لها، والتي تندفع في جميع الاتجاهات كأنها شظايا قنبلة متفجرة، صورة لا يكاد المرء يتخيلها حتى يدركه البهر وتنقطع أنفاسه، ولكن يبدو أن الأجدر بأن يبهر ويقطع الأنفاس، هو رؤية هذا الحيوان البشري الضئيل الذي يعيش على شظية من شظايا نجم صغير، في زاوية صغيرة من زوايا مجرة لا تختلف شيئا عن الملايين من أمثالها، هذا الحيوان يجرؤ على أن يسمو ببصره إلى إطراق الفضاء، يجرؤ فيتحدى ثم يجرؤ فيحاول أن يعرف سر الكون" [٣٣] .

وهذا هو معنى قوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [٣٤] .