قوله تعالى:{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ؛} أي لأبوي الميّت كناية عن غير المذكور لكلّ واحد منهما السّدس؛ {إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ؛} أو ولد ابن. قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ؛} أي إن لم يكن للميّت ولد ذكر ولا أنثى، ولا ولد ولد فلأمّه الثّلث، والباقي للأب.
وروي عن ابن مسعود:(أنّ الولد يحجبون الأمّ من الثّلث إلى السّدس، وإن لم يرثوا نحو أن يكونوا كفّارا أو مملوكين أو قاتلين؛ لأنّ الله لم يفرّق في الآية بين الولد الكافر والمسلم، فقال: {(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ)}.
وقال عمر وعليّ وزيد بن ثابت:(للأمّ الثّلث)،وجعلوا الكافر والرقيق بمنزلة الميّت، وحملوا الآية على ولد يحوز الميراث. قرأ أهل الكوفة إلاّ عاصما وخلفا:
«(فلإمّه)» بكسر الهمزة استثقالا لضمّة بعد كسر. وقرأ الباقون بالضمّ على الأصل.
قوله تعالى:{فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ؛} ذكره بلفظ الجمع، وأقلّه ثلاثة ولا خلاف، وإن الحجب يقع بثلاثة من الإخوة والأخوات وإن ذلك لا يقع بالواحد، ثم قال عامّة الصحابة:(إنّ حكم الاثنين في هذا حكم الثّلاثة كما في أنثيين والأختين).وعن ابن عبّاس:(أنّه كان لا يحجب الأمّ عن الثّلث إلى السّدس بأقلّ من ثلاثة إخوة)،وهذا القول غير مأخوذ به. وروي عنه أيضا:(أنّه جعل للابنتين النّصف كنصيب الواحدة بظاهر قوله تعالى {(فَوْقَ اثْنَتَيْنِ)} ولم يقل بهذا آخر غيره فلا يعتدّ به.
وروي أنّ جدّة جاءت إلى أبي بكر رضي الله عنه، وطلبت ميراثها؛ فقال أبو بكر رضي الله عنه:
(لا أجد لك في كتاب الله شيئا) فقام المغيرة بن شعبة وشهد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى جدّة أمّ الأمّ السّدس، فقال:(ائت معك بشاهد آخر) فجاء محمّد بن مسلمة وشهد بمثل شهادته، فأعطى أبو بكر رضي الله عنه السّدس (١).
(١) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الفرائض: باب ميراث الجدة: الحديث (٢٨٩٤).والترمذي في الجامع: الفرائض: باب ما جاء في ميراث الجدة: الحديث (٢١٠١).وفي الإحسان صحيح ابن حبان: كتاب الفرائض: الحديث (٦٠٣١)،وإسناده صحيح.