للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الولد يتناول ولده من صلبه حقيقة ولد ولده في النّسبة والتعصيب، ولكنّهم من ذوي الأرحام مجازا، فإذا كان للميّت ولد من صلبه وجب حمل اللفظ على الحقيقة، وإن لم يكن له ولد من صلبه حمل على من كان من صلب بنيه مجازا، وأمّا ولد البنات فلا يعدّ من ولده في النّسبة والتعصب، ولكنّهم من ذوي الأرحام. قال الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

وعن هذا قال أصحابنا: فمن أوصى لولد فلان أنّ ذلك لولده لصلب، فإن لم يكن له ولد من صلبه فهو ولد ابنه، ولا يدخل أولاد البنات في هذه الوصيّة على أظهر الرّوايتين.

قوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ؛} أي إن كان الأولاد نساء أكثر من اثنتين ليس معهنّ ذكر؛ {فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ؛} من المال، والباقي للعصبة.

قوله تعالى: {وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ؛} قرأ العامّة بالنصب على خبر كان، وقرأ نافع وحده بالرفع على أنّ معناه: وإن وقعت واحدة؛ فحينئذ لا خبر له، وقراءة النصب أجود، وتقديره: فإن كانت المولودة واحدة.

فإن قيل: لم أعطيتم البنتين الثّلثين وفي الآية إيجاب الثّلثين لأكثر من الابنتين؟ قيل: في فحوى الآية دليل على أن فرض الابنتين الثّلثان؛ لأنّ في أوّلها {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ،} فيقتضي أنّ للابنة الواحدة مع الابن الثّلث، فإن كان لها معه الثّلث كانت تأخذ الثّلث مع عدمه أولى، فاحتجنا إلى بيان حكم ما فوق الأنثيين؛ فذلك نصّ على حكم ما فوقهما، ويدلّ عليه أنه اذا كان للابن الثّلثان، وللابنة الثّلث دلّ أن نصيب الأنثيين الثّلثان بحال؛ لأنّ الله تعالى جعل للذكر مثل حظّ الأنثيين.

وجواب آخر: أنّ الله تعالى جعل للأخت من الأب والأمّ النصف في آخر هذه السورة، كما جعل للابنة النصف في هذه الآية، وجعل للأختين هناك الثّلثين، فأعطينا الاثنين الثّلثين قياسا على الأختين في تلك الآية، وأعطينا جملة الأخوات الثّلثين قياسا على البنات في هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>