للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حسنة، نحو أن يقول الرجل: سأفعل كذا إن شاء الله، وقيل: ردّوا عليهم ردّا جميلا، وقولوا لهم قولا ليّنا تطيب به أنفسهم. والرّزق من الله تعالى: العطيّة غير المحدودة، ومن العباد الشيء الموظّف لوقت محدود. وإنّما قال (فيها) ولم يقل: منها؛ لأنه أراد:

اجعلوا لهم حظّا فيها أي رزقا فيها.

قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتامى؛} أي اختبروهم في عقولهم وتدبيرهم وديانتهم حتى إذا بلغوا مبلغ النّكاح وهو الحلم، وهذا دليل جواز الإذن للصبيّ في التجارة. قوله تعالى: {حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً؛} أي علمتم منهم ووجدتم إصلاحا في عقولهم وحفظا في أموالهم. {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ؛} الّتي عندكم. نزلت هذه الآية في ابن رفاعة وعمّه، وكان رفاعة قد توفّي، وترك ابنه صغيرا، فأتى عمّه ثابت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: إنّ ابن أخي يتيم في حجري، فمتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله هذه الآية (١).

قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا؛} أي لا تأكلوا أموال اليتامى بغير حقّ. والإسراف: مجاوزة الحدّ. قوله تعالى: {وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ؛} أي ليتورّع بغناه عن مال اليتيم، ولا ينقص شيئا من ماله، والعفّة:

الامتناع عمّا لا يحلّ فعله. قوله تعالى: {وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ؛} اختلفوا في معنى ذلك، قال عمر بن الخطاب وسعيد بن جبير وعبيدة السّلمانيّ:

(معناه: فليأخذ من مال اليتيم على جهة القرض مقدار حاجته، فإذا أيسر ردّ عليه مثله) (٢).وهكذا روى الطّحاويّ عن أبي حنيفة، فمعنى قوله تعالى: {(بِالْمَعْرُوفِ)} بالقرض، نظيره قوله تعالى: {إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} (٣) أي أو قرض.


(١) ابن رفاعة هو ثابت بن رفاعة. الجامع لأحكام القرآن: ج ٥ ص ٣٤٠.وفي الدر المنثور: ج ٢ ص ٤٣٧؛ قال السيوطي: «وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية: ... وذكره». وأخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٦٨٧٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٦٨٥٤ - ٦٨٥٦) عن عبيدة السلماني، والنص (٦٨٥٩) بأسانيد عن سعيد بن جبير. وفي النص (٦٨٥٨) عن ابن عباس، وفي النص (٦٨٦١) عن مجاهد بأسانيد.
(٣) النساء ١١٤/.

<<  <  ج: ص:  >  >>