للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصل الاستبشار: من البشرة؛ لأنّ الإنسان إذا فرح ظهر أثر السرور في بشرة وجهه. ومعنى الآية: يستبشرون بأن لا خوف عليهم وعلى إخوانهم الذين يأتونهم من بعدهم؛ وأنّهم لا يحزنون في الآخرة.

قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ؛} أي بجنّة وكرامة، ويستبشرون أنّ الله لا يضيع ثواب الموحّدين. قوله تعالى: {وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} (١٧١)؛قرأ الكسائيّ والفرّاء: «(وإنّ الله)» بالكسر على الاستئناف ودليله قراءة ابن مسعود «(والله لا يضيع أجر المؤمنين)».

وفي الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: [ما يجد الشّهداء من القتل في سبيل الله إلاّ كما يجد أحدكم من القرصة] (١).وفي حديث آخر: [عضّة النّملة أشدّ على الشّهيد من مسّ السّلاح] (٢).وفي حديث آخر: [إنّ الضّربة والطّعنة على الشّهيد مثل شرب الماء البارد] (٣).

قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ؛} يجوز أن يكون أوّل هذه الآية في موضع الخفض على النّعت للمؤمنين، والأحسن أن يكون في موضع الرّفع على الإبتداء أو خبره للذين أحسنوا. ومعنى الآية: الذين أجابوا الله بالطاعة والرسول بالخروج إلى بدر الصّغرى من بعد ما أصابهم الجراح؛ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ؛} أي وافوا الميعاد، {وَاتَّقَوْا؛} سخط الله ومعصيته، {أَجْرٌ عَظِيمٌ} (١٧٢)،لهم ثواب وافر في الجنّة.

قال ابن عباس: (وذلك أنّهم تواعدوا يوم أحد أن يجتمعوا ببدر الصّغرى في العام القابل، فلمّا حضر الأجل ندم المشركون، فلقي أبو سفيان نعيم بن مسعود؛ وكان يخرج إلى المدينة للتّجارة؛ فقال: إذا أتيت المدينة فخوّفهم كيلا يخرجوا ولك


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٢ ص ٢٩٧.والترمذي في الجامع: أبواب فضل الجهاد: باب ما جاء في فضل المرابط: الحديث (١٦٦٨)،وقال: حسن صحيح غريب.
(٢) في كنز العمال: النص (١١١٣١)؛قال الهندي: «أخرجه أبو الشيخ عن ابن عباس».
(٣) هو تمام ما قبله، ونصه: [عضّة النّملة أشدّ على الشّهيد من مسّ السّلاح، بل هي أشهى عنده من شراب ماء بارد في يوم صائف].

<<  <  ج: ص:  >  >>