للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ؛} يعني اليهود والنصارى، وقيل: المراد به فرق النصارى على ما تقدّم ذكره من الاختلاف فيما بينهم في عيسى عليه السّلام، وقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} (٦٥)؛أي هل ينظرون إلاّ القيامة أن تأتيهم فجأة على غرّة منهم، «من» غير تأهّب ولا استعداد، {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} (٦٦)؛ وقت مجيئها.

فإن قيل: كيف تسمّى القيامة الساعة وهي تشتمل على خمسين ألف سنة؟ قلنا:

إنما سمّيت ساعة لسرعة مجيئها، ولأنّها في جنب ما وراءها ساعة، وهي سريعة الانقضاء على المؤمنين.

قوله تعالى: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} (٦٧)؛ يعني الأخلاّء في يومئذ؛ أي يوم تأتي الساعة {(بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)} يعني إذا كانت الخلّة على المعصية والكفر صارت عداوة يوم القيامة، {(إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)} يعني المؤمنين الذين يخالل بعضهم بعضا على الإيمان والتقوى، فإنّ خلّتهم لا تصير عداوة.

وفي الحديث: [أنّ الأخلاّء أربعة: مؤمنان وكافران، فإذا سئل المؤمن عن خليله، قال: ما علمته إلاّ أمّارا بالمعروف نهّاء عن المنكر، ويسأل المؤمن الثّاني عن خليله، فيقول مثل ذلك، ويثني كلّ واحد منهما على صاحبه خيرا، فتزداد مخاللتهما في الآخرة على الّتي كانت في الدّنيا. ثمّ يسأل أحد الكافرين عن خليله، فيقول: بئس الأخ؛ ما علمته إلاّ أمّارا بالمنكر، نهّاء عن المعروف، اللهمّ أضلله كما أضلّني، ويقول الآخر مثل ذلك، ويثني كلّ واحد منهما على صاحبه شرّا وتنقلب مخاللتهما عداوة، لأنّها لم تكن في ذات الله تعالى] (١).


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ١٠٩؛ قال القرطبي: (ذكره الثعلبي رضي الله عنه في هذه الآية).وفي الدر المنثور: ج ٧ ص ٣٨٨؛ قال السيوطي: (أخرجه عبد بن حميد عن قتادة) وذكره بمعناه ولفظ قريب منه. وص ٣٨٩ قال: (أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وحميد بن زنجويه في ترغيبه، وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه) وذكره في لفظ قريب منه. وأخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>