للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ؛} يعني نزول عيسى من أشراط السّاعة نعلم به، {فَلا تَمْتَرُنَّ بِها؛} أي لا تشكّنّ في القيامة إنّها كائنة، ولا تكذّبوا، و؛ قل لهم: {وَاتَّبِعُونِ؛} على التوحيد، و {هذا؛} الذي أنا عليه، {صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} (٦١)؛أي دين قائم لا عوج فيه،

{وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ؛} أي لا يصرفنّكم عن هذا الدين، {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (٦٢)؛أي ظاهر العداوة.

قوله تعالى: {وَلَمّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ؛} أي بالمعجزات، وقال قتادة:

(يعني الإنجيل) (١)،وقوله تعالى: {قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ؛} أي بالإنجيل، وقيل: بالنبوّة، و؛ جئتكم {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ؛} فيما بينكم، قال مجاهد: (من أحكام التّوراة) (٢).

فإن قيل: فهلاّ بيّن لهم جميع ما اختلفوا فيه وقد أرسل إليهم؟ قلنا: قد اختلفوا فيه؛ قال بعضهم: إنّ الذي جاء به عيسى في الإنجيل إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه، وقد بيّن لهم من غير الإنجيل ما احتاجوا إليه.

وقال بعضهم: معناه: لأبيّن لكم بعض الكتاب الذي تختلفون فيه، إذ كانوا مختلفين في بعض التّوراة. وقال بعضهم معناه: لأبيّن لكم أمر دينكم لأنّهم كانوا مختلفين في أمر دينهم ودنياهم، والمقصود من إرسال الرسل بيان الدين، فكان ذلك بعض ما اختلفوا فيه، وقد يذكر البعض أيضا بمعنى الكلّ، كما قال الشاعر (٣):

قد يدرك المتأنّي بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزّلل

وأراد بالبعض الكلّ، لأن المستعجل أيضا قد يدرك البعض،

{فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} (٦٤).


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ١٠٧ - ١٠٨؛ قال القرطبي: (وقال قتادة: البينات هنا الانجيل).وقاله مقاتل أيضا في التفسير: ج ٣ ص ١٩٥.وأخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٩٤٤) عن قتادة.
(٢) قاله الطبري في جامع البيان: وأورد قول مجاهد في الأثر (٢٣٩٤٦) وقال: (من تبديل التوراة).
(٣) في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٣١٨؛قال الزجاج: (واستشهدوا أيضا بقول القطامي) وذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>