للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصدّعت الخدود وانقطت الاشجار وارتجّت البحار وفزعت الجبال والآكام من عظم خطيئتي، لا أطيق حملها إن لم تحملها عني، فني دمعي وطال حزني ودقّ عظمي وبان لحمي، وبقي ذنبي على ظهري.

إليك أشكو فاقتي وضعفي وإفراطي في أمري، يا إله إبراهيم واسحاق ويعقوب، تنام كلّ عين وتستريح، وقد شخصت عيناي تنتظران إلى رحمتك، أدعوك يا رب فأسرع إجابتي وتقبّل دعائي وارحم شحطي (١)،وتجاوز عنّي برحمتك. فاستجاب الله دعاءه وغفر له ذنبه.

قوله تعالى: {يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ؛} أي قال الله له بعد المغفرة، {(يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ)} اي نبيّا ملكا على بني إسرائيل، والخليفة هو المدبر للأمر والمقيم. يا داود إنّا صيّرناك خليفة في الأرض تدبر أمور العباد من قبلنا، {فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ؛} أي العدل الذي هو حكم الله بين خلقه، {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى،} في الحكم بين النّاس، {فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ،} أي فيصرفك الهوى عن طاعة الله، {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ،} أي عن دين الله، {لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ،} في الآخرة، {بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ} (٢٦) أي تركوا العمل ليوم الحساب.

قوله تعالى: {وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً؛} أي ما خلقناهما وما بينهما من الخلق عبثا إلاّ للأمر والنّهي، وإنّما خلقناهما للتعبّد ولنجزي المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته. قوله تعالى: {ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا؛} يعني أهل مكّة الذين ظنّوا أنّهما خلقا لغير شيء، وأنّه لا قيامة ولا حساب، {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النّارِ} (٢٧).


(١) الشّحط والشّحط: البعد، وقيل: البعد في كلّ الحالات، يثقّل ويخفّف، وشحط المزار: بعد، وأشحطته: أبعدته، وشواحط الأودية: ما تباعد منها، وشحط فلان في السّوم: إذا استام بسلعته وتباعد عن الحقّ وتجاوز القدر). ينظر: لسان العرب: (شحط):ج ٧ ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>