للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يؤخذ بذنبه، سبحان خالق النّور، الويل لداود ثم الويل له حين يسحب على وجهه مع الخاطئين إلى النّار، سبحان خالق النّور.

فنودي يا داود قد غفرت لك ذنبك ورحمت بكاءك واستجبت دعاءك وأقلت عثرتك، فقال: يا رب تعفوني وصاحبي لم تعف عنه؟ قال: يا داود أعطيه يوم القيامة ما لم تر عيناه ولم تسمع أدناه، وأقول له: هذا عوض من عبدي داود، فاستوهبك منه فيهبك لي، قال: يا رب الآن قد عرفت أنّك قد غفرت لي (١)،فذلك

قوله تعالى: {فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا؛} بعد المغفرة؛ {لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ} (٢٥)؛أي لقربة ومكانة ومنزلة حسنة.

وعن مالك بن دينار في قوله تعالى: {(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى)} قال: (يقول الله لداود وهو قائم بساق العرش: يا داود مجّدني بصوتك الرّخيم، فيقول: كيف وقد سلبتنيه في الدّنيا؟ فيقول: إنّي أردّه عليك، قال: فرفع داود صوته بالزّبور فيستفرغ نعيم أهل الجنّة وهو قوله {(وَحُسْنَ مَآبٍ)} يعني الجنّة الّتي هي مآب الأولياء والأنبياء) (٢).

وعن وهب بن منبه قال: (لمّا تاب الله على داود بكى على خطيئته ثلاثين سنة لا ترقى له دمعة ليلا ولا نهارا، وكان أصاب الذنب وهو ابن سبعين سنة، وكان يخرج إلى الفيافي فيبكي ويبكي معه الشجر والرمال والطير والوحش، ثم يجيء إلى الجبال فيرفع صوته بالبكاء فتبكي معه الحجارة والجبال والدواب، ثم يجيء إلى الساحل فيبكي وتبكي معه الحيتان ودوابّ البحر وطير الماء.

ثم يرجع إلى محرابه وقد بسط له فيه فرش من مسوح حشوها ليف، فيجلس عليها ويجيء الرّهبان فيجلسون معه فيبكي وينوح، والرهبان معه فلا يزال يبكي حتى تغرق الفرش في دموعه ويصير داود مثل الفرخ، فيضطرب ويجيء ابنه سليمان عليه السّلام


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١١١٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: ج ١٠ ص ٣٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>