للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٨٩)؛أي هو النجاة الوافرة، فازوا بالجنّة ونعيمها، ونجوا من النار وجحيمها.

قوله تعالى: {وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ؛} قرأ ابن عبّاس والضحاك ومجاهد: «(المعذرون)» بالتخفيف وهم الذين اعتذروا؛ أي جاءوا بالعذر، وأمرهم رسول الله بالتخلّف بعذرهم وهم من المخلّفين، وقيل: المعذرون بالتخفيف المبالغون في العذر، كان صلّى الله عليه وسلّم يقول: [لعن الله المعذّرون] (١) بالتشديد يعني الذين يقبلون في التخلّف بلا علّة يوهمون أنّ لهم عذرا، ولا عذر لهم، والتعذير التقصير في الشيء مع طلب العذر.

وأما القراءة المشهورة «(المعذّرون)» بالتشديد فمعناها ما تقدّم يعني المقصّرين، قال الفرّاء: (أصله المعتذرون، فأدغمت التّاء في الذال وثقّلت حركة التّاء إلى العين) (٢).

قوله تعالى: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ؛} قرأ العامّة «(كذبوا)» مخففا يعني المنافقين قعدت طائفة منهم من دون أن يعتذروا، وقرأ أبي والحسن: «(كذبوا)» بالتشديد، وقوله تعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} (٩٠)؛ يجوز أن تكون الفائدة في دخول (من) بيان أنّ منهم من يسلم، ومنهم من يموت على كفره ونفاقه.

قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ؛} أي ليس على المرضى والشّيوخ الكبار، ولا على المرضى الذين لا يقدرون على الخروج إلى الجهاد، ولا على الذين لا يكون عندهم نفقة ينفقونها في الجهاد وهم الفقراء، ليس عليهم مأثم في القعود عن ذلك إذا كان قعودهم على وجه النّصح لله ورسوله، وهو إن سعوا في


(١) في الدر المنثور: ج ٤ ص ٢٦٠؛ قال السيوطي: ((أخرجه ابن الأنباري في الأضداد عن ابن عباس)).
(٢) قاله الفراء في معاني القرآن: ج ١ ص ٤٧٧ وذكره بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>