قوله تعالى:{وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ؛} أي إذا أنزلت من القرآن قطعة مشتملة على آيات أحاطت بها أن آمنوا بالله أي صدّقوا وداوموا على الإيمان وجاهدوا الكفار مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استأذنك في القعود عن الجهاد ذوو السّعة والغنى منهم، {وَقالُوا ذَرْنا؛} دعنا واذن لنا، {نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ}(٨٦)؛عن الجهاد. والطّول في الحقيقة هو الفضل الذي يتمكّن به من مطاولة الأعداء.
قوله تعالى:{رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ؛} أي رضي المنافقون بأن يكونوا في تخلّفهم عن الجهاد مع النساء المتخلّفات في الحيّ بعد غزوة أزواجهنّ. قوله تعالى:{وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ}(٨٧)؛يعني الطبع في اللغة جعل الشيء كالطّابع نحو طبع الدّينار والدرهم، ويجوز أن يكون الطبع على القلب علامة يقفل الله بها قلب الكافر المعاند ليعلم من يطّلع عليه من الملائكة أنه لا يجتهد في طلب الحقّ، فهم لا يفقهون أوامر الله ونواهيه.
قوله تعالى:{لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ؛} لكن الرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم والذين آمنوا معه، وهم أهل اليقين من الصحابة، جاهدوا بأموالهم وأنفسهم على ضدّ ما فعل المنافقون.
قوله تعالى:{وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ؛} يجوز أن يكون معناه: أولئك لهم الحسنات المقبولات، فإن الخيرات منافع تسكن النفس إليها، ويجوز أن يكون معناه: الزّوجات الحسنات في الجنّة، كما قال الله فيهن {خَيْراتٌ حِسانٌ}(١) واحدة الخيرات خيرة، وهي الفاضلة في كلّ شيء، قوله تعالى:{وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(٨٨)؛أي الظّافرون بالمراد.
قوله تعالى:{أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ؛} أي أعدّ الله لهم في الجنّة بساتين تجري من تحتها وشجرها ومساكنها الأنهار. قوله تعالى:
{خالِدِينَ فِيها؛} أي مقيمين دائمين فيها لا يموتون ولا يخرجون منها، {ذلِكَ}