للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا؛} أي قل لهم يا محمّد: هل عندكم من علم من بيان وحجّة غير ما في القرآن؛ فبيّنوه لنا، {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ؛} يعني ظنّهم في تحريم البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام. قوله تعالى: {وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ} (١٤٨)؛أي ما أنتم إلاّ تكذبون على الله.

قال المشركون: لو شاء الله ما أشركنا، على وجه الاستهزاء؛ فكذبهم الله في ذلك، وإن كانت المشيئة حقّا كما في سورة (المنافقون): {إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ} (١) فكذبهم الله في قولهم: إنّك لرسول الله؛ وإن كان ذلك حقّا؛ لأنّهم قالوا على وجه الاستهزاء.

قوله تعالى: {(وَلا آباؤُنا)} عطف على المضمر المتّصل؛ معناه: ما أشركنا نحن ولا آباؤنا. ثمّ اعلم أنّ بعضهم قال: إنّ مشيئة المعاصي إذا أضيفت إلى الله تعالى كان معناها الخذلان مجازاة لهم على سوء أفعالهم، وإصرارهم على المعصية.

قوله عزّ وجلّ: {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ} (١٤٩)؛ أي إنّ الله قد أبلغكم حجّته؛ وهو ما أحلّه من الثمانية أزواج؛ فلو شاء لوفّقكم لدينه وأكرمكم بمعرفته. وقال الحسن: (معناه: قد قامت عليكم الحجّة وجاءكم الرّسول؛ فلو شاء لوفّقكم وأجبركم على الإيمان).و {(الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ):} التّامّة الكافية (٢).

قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا؛} أي قل لهم يا محمّد: هاتوا شهداءكم الّذين يشهدون أنّ الله حرّم هذه الأشياء، {فَإِنْ شَهِدُوا؛} بأنّ الله حرّمها، {فَلا تَشْهَدْ،} أنت يا محمّد، {مَعَهُمْ؛} لأنّهم لا يشهدون إلاّ الباطل.


(١) الآية ١/.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن: ج ٧ ص ١٢٨؛ قال القرطبي: ((أي التي تقع عند المحجوج، وتزيل الشك عمن نظر فيها. فحجته البالغة على هذا: تبيينه أنه الواحد، وإرساله الرسل والأنبياء، فبيّن التوحيد في النظر في المخلوقات، وأيّد الرسل بالمعجزات، ولزم أمره كل مكلف. فأما علمه وإرادته وكلامه فغيب لا يطلع عليه العبد، إلا من ارتضى من رسول. ويكفي في التكليف أن يكون العبد بحيث لو أراد أن ما أمر به لأمكنه)).

<<  <  ج: ص:  >  >>