للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكُمْ} يا مسلمين كلكم {إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}، ثم وقع الخصوص على الصفة التي وصف، كما قال: كان القرآن هدى لمن وصف دون غيرهم.

فليس يجوز أن يحكم بالمتعة على أحد، حتى يحكم له بالتقوى والإحسان، وهما شيء بين العبد وبين ربه، فصار موكولًا إليهم، فكان على الإنسان فيما بينه وبين ربه ألا يجعل نفسه خارجًا عن التقوى والإحسان.

فلذلك قيل: متِّع إن كنت من المتقين، متِّع إن كنت من المحسنين، ولم نر اللَّه عزَّ وجل شرط في حق رجب ليس على بشر إحسان (١) ولا تقوى، بل أمر بالرَّفع والأخذ بالدَّفع، وهذا في القرآن يكثر ويطول شرحه، ونسأل اللَّه التوفيق برحمته.

وقد زعم قوم من المتأخرين أن المتعة عوضٌ من الصداق وبدلٌ منه، فقد ينبغي لهم إذا كان الرجل يملك عشرة آلاف دينار، فتزوج امرأة صَداقُ مِثْلِها دينار، أن يحكموا عليه بنصف دينار أو ربع دينار، وإن تزوج مُقْتِر بغَنِيَّة صداقُ مِثْلِها ألف دينار، ولم يسمِّ لها، أن يحكموا بالمتعة خمسمائة دينار ونحوها، فإن لم يفعلوا ذلك، خالفوا ما أصَّلوا، وإن فعلوا، خالفوا كتاب اللَّه، لأن اللَّه عز وجل يقول: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦].

وقد احتج قوم بحديث بَرْوَع بنت واشِق (٢) في صداق المثل، فيمن مات عنها ولم يسم (٣) لها صداقًا (٤)، وهذا حديث غير صحيح ولا مقبول، أيتوهم


(١) أي: إحسان فيه.
(٢) قال النووي في "التهذيب" (٢/ ٣٣٢): "وهي بِرْوَع، بباء موحدة مكسورة، ثم راء مهملة ساكنة، ثم واو مفتوحة، ثم عين مهملة، وأبواها واشق، بالشين المعجمة المكسورة، وبالقاف"، لكن قال في اللسان (٢/ ٦٥) مادة (برع): "وأصحاب الحديث يقولونه بكسر الباء، وهو خطأ، والصواب الفتح، لأنه ليس في الكلام فِعْوَل إلا خِرْوَع، وعِتْوَد اسم واد".
(٣) في الأصل: ولم يسمي.
(٤) أشار إلى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مواضع منها برقم ٤٢٧٦ وأبو داود =

<<  <  ج: ص:  >  >>