لنا هضبة لا ينزلُ الذّلَ وَسْطَها ... ويأوي إليها المستجير فَيُعْصَما
ألا ترى أن الأفعال الواقعة بعد الفاء في جميع ذلك منصوبة من غير أن يتقدم الفاء شيء من الأجوبة الثمانية، وكان حكمها أن تكون مرفوعة لأن الأفعال التي قبلها مرفوعة وهي معطوفة عليها وداخلة في معناها. إلا أنه لما أضطر إلى استعمال النصب بدل الرفع، حكم لها بحكم الأفعال الواقعة بعد الفاء في الأجوبة الثمانية، فنصب بإضمار (أن)، وتؤولت الأفعال التي قبلها تأويلاً يوجب النصب فحكم لقوله:(وألحق بالحجاز) بحكم ويكون مني لحاق بالحجتز، ولقوله:(سيجزيني الإله) بحكم (يكون من الإله جزاء لي)، ولقوله، (وقد يملأ القطر الإناء) بحكم (قد يكون من القطر ملء الإناء)، ولقوله:(يأوي إليها المستجير) بحكم (يكون من المستجير آوي إليها)، لأن المعنى في جميع ذلك واحد، وجعلت
مع الفعل معطوفة بالفاء على ذلك المصدر المتوهم.
ومنه: انتصاب الفعل بإضمار (أن) بعد (أو) العاطفة إجراء لها في ذلك مجرى (أو) التي بمعنى (إلا أن)، نحو قوله:
فَسِرْ في بِلادِ الله والتمس الغنى ... تَعِشْ ذا يسارٍ أو تموت فتُعْذَرا
ألا ترى أنه نصب الفعل الواقع بعد (أو)، بإضمار (أن)، وليست بمعنى (إلا أن) لأن المعنى لا يساعد على ذلك، إذ لا يلزم من سيره في بلاد