قال: الجمان خرز من فضة يشبه اللآلئ؛ يريد إنه إذا سار في شجر هذا المكان وقع من خلل الأغصان على أعراف خيله مثل الجمان من ضوء الشمس، فكأن الأغصان تنفضه على أعرافها.
وأقول: لم يرد ما ذكره من تشبيه ضوء الشمس الساقط من خلل الأشجار بالجمان، وإنما أراد قطر الندى الذي تنفضه الأغصان بتحركها؛ شبهه للونه وصفائه، بالجمان، ولهذا قال: غدونا لأن الندى يكون بالغداة.
وقوله: الوافر
ولو كانَتْ دِمَشْقَ ثَنى عِنَاني ... لَبِيقُ الثُّرِدْ صِينِيُّ الجِفَانِ
قال: يقول: لو كانت هذه المغاني الطيبة دمشق لثنى عناني إليه رجل ثريده ملبق وجفانه صينية؛ يعني: لأضافني هناك رجل ذو مروءة يحسن إلى الضيفان؛ لأنها من بلاد العرب، وشعب بوان من بلاد العجم. وحمل ابن جني قوله: لبيق الثرد على الممدوح. وليس الأمر على ما قال، فإن البيت ليس بمخلص، ولم يذكر
الممدوح بعد. والمعنى إنه يبين فضل دمشق وأهلها وإحسانهم إلى الضيفان.
فيقال له: الصحيح ما قال ابن جني في أن المراد بذلك عضد الدولة الممدوح. والذي قلته من إنه لغيره، وان البيت ليس بمخلص، والممدوح لم يذكر بعد، قول من ليس له اطلاع على طرائق أشعار العرب وغيرهم من فحول الشعراء، فمن ذلك قول زياد بن منقذ: البسيط
لا حَبَّذَا أنت يا صَنْعَاءُ من بَلَدٍ ... ولا شَعوبُ هوىً منِّي ولا نُقُمُ