للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالَ الْطَّاهِرُ ابْنُ عَاشُوْرٍ (ت ١٣٩٣ هـ) -رحمه الله-: (لَا يُعَدُّ الْنَّسَبُ مِنَ الْفَضَائِلِ الْذَّاتِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُعَدُّ فَضِيْلَةً مِنْ حَيْثُ هُوَ وَسِيْلَةٌ إِلَى نَمَاءِ الْفَضَائِلِ فِيْ الْنَّفْسِ الْمَطْبُوْعَةِ عَلَى الْفَضِيْلَةِ، وَقُدْوَةٌ لِلْخَلَفِ يَأَتَسُوْنَ بِهَا آثَارَ أَسْلَافِهِمْ فِيْ مُرْتَقَىْ الْكَمَالِ، فَيَحْصُلَ مِنْ ذَلِكَ كَمَالَانِ: كَمَالُ الْذَّاتِ وَكَمَالُ الْقُدْوَةِ؛ وَمِنْ حَيْثُ هُوَ قَاطِعٌ لِأَلْسِنَةِ الْحَاسِدِيْنَ الَّذِيْنَ يَحْسِدُوْنَ أَهْلَ الْكَمَالِ عَلَى كَمَالِهِمْ، وَالْمُعَانِدِيْنَ لِكُلِّ مَنْ يَدْعُوْهُمْ إِلَى خَلْعِ ذَمِيْمِ أَعْمَالِهِمْ، فَإِذَا لَمْ يَجِدُوْا مَغْمَزَاً فِيْمَنْ حَسَدُوْهُ وَعَانَدُوْهُ الْتَمَسُوْا لَهُ مَا يَحُفُّ بِهِ مِنَ الْعَوَارِضِ، وَلَا شَيْءَ يَحُفُّ بِالْمَرْءِ أَشَدُّ بِهِ تَعَلُّقَاً مِنْ حَالِ آبَائِهِ). (١)

قَالَتْ الْأَدِيْبَةُ جَدِيْلَةٌ: «الْنَّسَبُ الْجَلِيْلُ أُعْطِيَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَعْنَى لَمَا اصْطَفَى اللهُ -تبارك وتعالى- رَسُوْلَهُ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَعْرَقِ الْأَنْسَابِ، لَكِنَّ آفَتَهُ: أَنَّهُ قَدْ يُكْسِبُ الْخَاوِيَ وَهْمَ الْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ لَوْ بِيْعَ فِيْ سُوْقِ الْمَجْدِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، مَا اشْتَرَاهُ أَحَدٌ ... فَتَجِدُ الْعَارِيَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْخُلُقِ وَالْمُرُوْءَةِ يَزْدَرِيْ مَنْ زَيَّنَهُ اللهُ -عز وجل- بِهَذِهِ الْأَمْجَادِ؛ اتِّكَالَاً عَلَى مَحْتَدِهِ». (٢)


(١) «جمهرة مقالات ورسائل الطاهر ابن عاشور» (٢/ ٥١٣).
(٢) جديلة jadelah ١٠@ (١٩/ ١٢/ ١٤٤١ هـ).

<<  <   >  >>