للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسن} (١)، ونحو ذلك من الآيات القرآنية التي يكثر تعدادها، ويطول إيرادها. ومنه الآيات التي فيها (قل)، والآيات التي فيها الخطابات للرسول والنبي، فإن قلتم باختصاصه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بجميع ذلك خالفتم الإجماع والضرورة الدينية.

وإن قلتم بعدم الاختصاص فما وجه التعميم في هذه الأمور دون المتنازع فيه؟ وإن قلتم: الدليل يدل على التعميم فهكذا محل النزاع، فإن كل دليل يفرض في هذه الأمور سواء كان من الكتاب أو السنة أو الإجماع فهو كذلك في وجوب الإجابة، فإن الأدلة الدالة على وجوب الإجابة إلى الحكم بالشريعة المطهرة موجودة كثيرة.

الوجه السادس: أنه قد تقرر في الأصول (٢) أن خطابات الله ورسوله لواحد من الأمة تعم إذا لم يوجد ما يفيد اختصاص ذلك الواحد بذلك الحكم، ووجوب الإجابة [٩أ] لمن دعا إلى الشريعة كذلك، ولا يقدح في ذلك تخصيصه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بالخطاب بقوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} (٣) ولا إفراده بالحكم في قوله تعالى: {ليحكم بينهم}.

الوجه السابع: أن الله - سبحانه - قد شرع لنا التحكيم في أمر الزوجين (٤)، وفي صيد الحرم (٥)، وأوجب علينا الامتثال لما يحكمان به، بل وقع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - التحكيم في الحديبية (٦) ما بين طائفة المسلمين والكافرين لسهيل بن ...................


(١) [المؤمنون: ٩٦]، [فصلت: ٣٤].
(٢) انظر " إرشاد الفحول " (ص٤٤٤)، " البحر المحيط " (٣/ ١٩٠). وقد تقدم ذكره مرارًا.
(٣) [النساء: ٦٥].
(٤) لقوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما}.
(٥) لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم}.
(٦) انظر " فتح الباري " (٧/ ٤٥٣ - ٤٥٥).