للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدار بعيدة من المسجد فلا يسمع فيها الآذان فهي مشؤومة. وقيل: كان ذلك في أول الأمر ثم نسخ بقوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ} (١)، حكاه ابن عبد البر (٢).

قال الحافظ (٣) والنسخ لا يثبت بالاحتمال لا سيما مع إمكان بجمع، وقد ورد في نفس هذا الخبر نفي التطير ثم إثباته في الأشياء المذكورة، وقيل: يحمل الشؤم على معنى قلة الموافقة وسوء الطبائع، وهو كحديث سعد بن أبي وقاص رفعه "من سعادة المرء المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الهنيء، ومن شقاوة المرء المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء". أخرجه أحمد (٤) وهذا تخصيص معنى الأجناس المذكورة دون بعض، وبه صرح بن عبد البر (٥) فقال: يكون لقوم دون قوم وذلك بقدر الله.

وقال المهلب (٦) ما حاصله: أن المخاطب بقوله: الشؤم في ثلاثة من التزم التطير ولم يستطع صرفه عن نفسه فقال لهم: إنما يقع ذلك في الأشياء التي تلازم في غالب الأحوال، فإذا كان كذلك فاتركوها عنكم ولا تعذبوا [٩] أنفسكم بها، ويدل على ذلك تصديره الحديث بنفي الطيرة، واستدل بما أخرجه ابن حبان (٧) عن أنس رفعه: "لا طيرة والطيرة على من تطير وإن يكن في شيء ففي المرأة" الحديث، وفي إسناده عقبة بن (٨)


(١) [الحديد: ٢٢].
(٢) في "التمهيد" (١٦/ ٢٠٦).
(٣) في "فتح الباري" (٦/ ٦٢ - ٦٣).
(٤) لم أقف عليه عند أحمد.
(٥) في "التمهيد" (١٦/ ٢٠٦).
(٦) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ٦٣).
(٧) في صحيحه رقم (٦١٢٣).
(٨) انظر "تهذيب التهذيب" (٣/ ٥١). قال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أحمد بن حنبل: ضعيف ليس بالقوي. انظر: "تهذيب الكمال" (١٩/ ٣٠٥ - ٣٠٦ رقم ٤٣٧٣). "الثقات" لابن حبان (٧/ ٢٧٢).