(٢) الدعاء: فيلجأ إلى ربه، ليرزقه حسن الخلق، ويصرف عنه سيئه متأسياً بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيهما واجعل لهما من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيهما من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
((حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك وإذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وإذا رفع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد وإذا سجد قال اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
((حديث قطبة بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قال: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء. فالخلق الحسن نوع من الهداية يحصل عليه المرء بالمجاهدة، قال عز وجل:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت: ٦٩].
والمجاهدة لا تعني أن يجاهد المرء نفسه مرة، أو مرتين، أو أكثر، بل تعني أن يجاهد نفسه حتى يموت؛ ذلك أن المجاهدة عبادة، والله يقول:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [٩٩]}[سورة الحجر].