للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• يا غافلًا عن نصيره، يا واقفًا مع تقصيره، سبقك أهل العزائم، وأنت في بحر الغفلة عائم، بالليل نائم وبالنهار هائم وتعيش عيش البهائم، ثم تدعي أنك فاهم وأنت لا شك واهم، قف على الباب وقوف نادم، ونكّس رأس الذل وقل: أنا ظالم، وناد في الأسحار: مذنب وراحم، وتشبّه بالقوم وإن لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب دمع ساجم، وقم في الدجى نادبًا، وقف على الباب تائبًا، واستدرك من العمر ذاهبه، ودع اللهو جانبًا، وطلّق الدنيا إن كنت للآخرة طالبًا، يا نائمًا طوال الليل سارت الرفقة، ورحل القوم كلهم، وما انتبهت من الرقدة.

• يا من تحدّثه الآمال، دع عنك هذه الوساوس، متى تنتبه لصلاحك أيها الناعس، متى تطلب الأخرى، يا من على الدنيا يتنافس. متى تذكر وحدتك إذا انفردت عن كل مؤانس، يا من قلبه قد قسا وجفنه ناعس.

• يا راحلًا بلا زاد والسفر بعيد، العين جامدة والقلب أقسى من الحديد. من أولى منك بالضراء وأنت تغرق في بحر المعاصي في كل يوم جديد. ما أيقظك الشباب ولا أنذرك الاكتهال، ولا نهاك المشيب، ما أرى صلاحك إلا بعيد، فديت أهل العزائم، لقد نالوا من الفضل المزيد، طووا فراش النوم، فلهم بكاء وتعديد، دموعهم تجري على خدودهم، خدّدت في الخدود أي تخديد، ما أنت من أهل المحبة ولا من العشاق يا قليل الهمة يا طريد.

• يا أخي، أفنيت عمرك في اللعب، وغيرك فاز بالمقصود وأنت منه بعيد، غيرك على الجادة، وأنت من الشهوات في أوجال وتنكيد، ترى متى يقال: فلان استقال ورجع. يا له من وقت سعيد، متى تخرج من الهوى وترجع إلى مولاك العزيز الحميد، يا مسكين، لو عاينت قلق التائبين، وتململ الخائفين من أهوال الوعيد، جعلوا قرّة أعينهم في الصلاة، والزكاة، والتزهيد، وأهل الحرمان ضيعوا الشباب في الغفلة، والشيب في الحرص والأمل المديد، لا بالشباب انتفعت، ولا عند تمشيب ارتجعت، يا ضيعة الشباب والمشيب: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} [سبأ ٥١].

• أخي، مالك لا تفيق من غفلتك، وتنتهي من نومتك، وتصحو من سكرتك.

• إلى متى الصدود عن طاعة المعبود، والغفلة عن بحر الموت المورود.

• فارحم نفسك قبل التلف، وابك عليها قبل الأسف،

• فإن السفر بعيد والزاد قليل.

• فاعمل للموت قبل الفوت.

[*] • قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه اللطائف:

<<  <  ج: ص:  >  >>