للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بلاغته إنما هي شيء كبلاغة الحياة في الحي: هي البلاغة ولكنها أبدع مما هي؛ لأنها الحياة أيضًا.

وأنت خبير أن هذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - كانت تأخذه عند نزول الوحي عليه أحوالٌ وُصفت في كتب الحديث:

قالت عائشةُ (رضي الله عنها): ((وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا)) (١).

وفي حديثٍ آخرَ عنها قالت: ((فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنْ


(١) صحيح: أخرجه الإمام مالك في "الموطإ" (١/ ٢٠٢ - ٢٠٣/ ٧)، ومن طريقه البخاري في "صحيحه" (٢)، ومسلم (٢٣٣٣)، والإمام أحمد (٦/ ٥٨)، والترمذي (٣٦٣٤)، وقال: ((حديث حسن صحيح))، والنسائي (٩٣٤)، وابن حبان (٣٨ - إحسان). قولها (رضي الله عنها): ((فيفصم)) أي: يقلع ويتجلى ما يغشاه. و ((يتفصد)): مأخوذ من الفصد، وهو قطع العِرْق لإسالة الدم، شبه جبينه بالعِرْق المفصود مبالغة في كثرة العرق. كما في "الفتح" (١/ ٢٦ - ٢٧).

<<  <   >  >>