للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٢٧ - إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللهُ لَهُمَا، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمَا»، رُوِيَ عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا وَأَنَّ رَجُلًا قَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ قَدْ صَامَتَا، وَإِنَّهُمَا قَدْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا مِنَ الْعَطَشِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ سَكَتَ، ثُمَّ عَادَ، وَأُرَاهُ قَالَ: بِالْهَاجِرَةِ، قَالَ: «يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّهُمَا وَاللهِ قَدْ مَاتَتَا أَوْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا»، قَالَ: «ادْعُهُمَا»، قَالَ: فَجَاءَتَا، قَالَ: فَجِيءَ بِقَدَحٍ أَوْ عُسٍّ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا: «قِيئِي» فَقَاءَتْ قَيْحًا أَوْ دَمًا وَصَدِيدًا وَلَحْمًا حَتَّى قَاءَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: «قِيئِي» فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ وَصَدِيدٍ وَلَحْمٍ عَبِيطٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى مَلَأَتِ الْقَدَحَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللهُ لَهُمَا، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمَا، جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَجَعَلَتَا يَأْكُلَانِ لُحُومَ النَّاسِ» (١).

٨٢٨ - إن هذا الدين متين، فأوْغِلُوا فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المُنْبَتّ (٢) لا سفرًا قطع، ولا ظهرًا أبقى، فاعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدًا، واحذر حذرًا يخشى أن يموت غدًا.

٨٢٩ - إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم (٣).

٨٣٠ - إنَّ هَذا القرآنَ مأدبةُ اللهِ، فاقبلوا من مأدبتِهِ ما استَطعتُمْ، إنَّ هذا القرآنَ هُو حبلُ اللهِ، والنورُ المبينُ، والشفاءُ النافعُ، عصمةٌ لِمنْ تَمسَّكَ بِهِ، ونجاةٌ لِمنْ تَبعَهُ، لا يَزيغُ فَيُستعتبُ، ولا يَعوجُّ فَيقومُ، ولا تَنقضِي عَجائِبَهُ، ولا يَخلقُ مِنْ كَثرةِ الرَّدِّ.


(١) (إن هَذَا الدّين متين) أَي صلب شَدِيد (فأوْغِلوا) أَي سِيرُوا (فِيهِ بِرِفْق) من غير تكلّف وَلَا تُحَمّلوا أَنفسكُم مَا لَا تطيقون فتعجزوا وتتركوا الْعَمَل، (فَإِن المُنْبَتَّ) الْمُنْقَطع المتخلف عَن رفقته لكَونه أجهد دَابَّته حَتَّى أعياها أَو عطبت وَلم يقْض وطره (لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى) أَي فَلَا هُوَ قطع الأَرْض الَّتِي قَصدهَا وَلَا هُوَ أبقى ظَهره يَنْفَعهُ فَكَذَا من تكلّف من الْعِبَادَة مَا لَا يُطيق، فَيكْرَه التَّشْدِيد فِي الْعِبَادَة لذَلِك.
(٢) العُسُّ: القدح الكبير. واللَّحم العبيط: هو الطري غير النضيج. تأكلان لحوم الناس: أي: بالاغتياب.
(٣) رواه مسلم عن ابن سيرين من قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>