للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيه. وعلى تقدير صحة النصب، فيجوز أن يكون على الظرفية، أي: وقت ذكاة أُمه. فحُذف المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه، وهو حينئذٍ دليل للشافعي؛ لأنَّ الثَّاني إنَّما يكون وقتًا للأول إذا أغنى الفعل الثَّاني عن الأوَّل، ويرجح هذا التقدير موافقته لرواية الرفع.

وأمَّا ما قالوه في تقدير الرَّفع فساعدهم ابن جني -على عادته- وقال: إذا حمل على ما قاله أبو حنيفة، يكون المجاز وقع في الخبر، وهو الكثير، فكان الحمل عليه أَوْلى.

وهذا مردود بما قاله ابن عمرون؛ لأنَّ سياق الحديث وسؤالهم: أنلقيه؟ أَم نأكله؟ لم يكن لأنهم شكوا أنَّ ما أدرك ذكاته وذكي مِن هذا الصنف المأكول يحل أكله، وإنَّما سألوه عن ما تَعذَّر فيه الذبح؛ فوجب حمله على ذلك؛ ليكون الجواب مطابقًا للسؤال.

ومنها حديث الحسن، عن سمرة، عن النَّبيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم-: "مَن مَلَكَ ذا رَحِم مَحْرَم فهو حُر" (١). رواه أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجة والطبراني، والترمذي وقال: لا نعرفه مسندًا إلَّا مِن حديث حماد عن قتادة عن الحسن.

وقد [تكلم] (٢) في هذا الحديث غير واحد مِن الحفَّاظ، وقد رُوي مِن قول عمر ومن قول الحسن، وقال النَّسائيّ: (حديث منكر). ورُوي من حديث ابن عمر وعائشة.

فعَلَى تقدير صحته حمله بعض الشَّافعية على الأصول والفروع؛ لأنَّ مذهب الشَّافعي اختصاص العتق بذلك، لا مطلق الرَحم. لكن ليس للشافعي احتياج لهذا الحمل في ثبوت الحكم، إنَّما له أدلة أخرى مشهورة في الفروع، مع ضعف هذا الحديث من الأصل. فليس هذا الحمل بمرضِي عند الحُذاق.


(١) سنن أبي داود (رقم: ٣٩٤٩)، سنن التِّرمذيُّ (رقم: ١٣٦٥)، وسنن ابن ماجة (رقم: ٢٥٢٤)، وغيرها. قال الألباني: صحيح. (إرواء الغليل: ١٧٤٦).
(٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>