للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع كافر، فلينظر إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش، حين عاقدهم بعقد الصلح، فإنه وقع الشرط بينهم على أنه من جاء من الكفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما يرده عليهم، ومن جاءهم من المسلمين مرتدا، لا يرد إلى المسلمين، حتى أشكل ذلك على بعض الصحابة رضي الله عنهم، فقالوا: كيف نرد عليهم من جاءنا منهم مسلما، ولا يردون علينا من جاءهم منا مرتدا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من جاءنا منهم مسلما، فسيجعل الله له فرجا، وأما من ذهب إليهم مرتدا فأبعده الله "، فجاء نفر مسلمون، منهم أبو جندل ابن سهيل بن عمرو، فقيدهم النبي صلى الله عليه وسلم وردهم عليهم، محافظة على الوفاء بالذمة، هذا معنى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [سورة النحل آية: ٩١] إلى قوله: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً} [سورة النحل آية: ٩٢] وهذا حكم عام مع المسلمين والكفار. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة آية: ١] يعني بالعهود، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما نقض قوم العهد، إلا سلط الله عليهم عدوهم " ١ أعاذنا الله وإياكم من عقوبات الذنوب.

وأما الأدلة الواردة في الأمر بقتال الكفار، فالمراد بها من لا ذمة له منهم ولا عهد، وهم المحاربون، وأما من له


١ مالك: الجهاد (٩٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>