وكذا كلُّ عقدٍ لا ضمان في صحيحه إلَّا بالتَّعدِّي أو التَّفريط؛ كعقود الشَّركة، والوكالة، والوديعة، والرهن، والهبة، والوقف، ونحو ذلك، لا ضمان أيضاً في فاسده إلَّا بالتَّعدِّي أو التَّفريط. والعكس صحيح؛ فكلُّ عقد يجب الضمان في صحيحه -فرَّط أم لا-؛ كالبيع والإجارة ونحوهما، يجب الضمان كذلك في فاسده.
القسم الثَّاني: شركةُ المُضارَبَة:
١) تعريفُها:
هي دَفْعُ نَقْدٍ معلومٍ لمن يتَّجِرُ فيه، بِجُزءٍ مُشاعٍ مَعلومٍ مِنْ رِبْحِهِ.
مثال ذلك: أن يدفع عمرٌو إلى زيدٍ مائة ألف دينار، ويقول له: اتَّجر فيها ولك نصف الربح، أو رُبْعُه، أو ثُلُثُه …
وسمِّيت بذلك؛ أخذاً منَ الضَّرب في الأرض؛ أي السَّفَر فيها للتِّجارة؛ قال الله ﷿: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠].
وتُسمَّى أيضاً (قِرَاضاً) من القَرْض؛ بمعنى القَطْع؛ فكأنَّ ربَّ المال اقتطع من ماله قطعةً وسلَّمها إلى العامل، واقتطع له قطعةً من ربحها.
٢) حُكمُها:
المضاربة جائزة؛ لحديث زيد بن أَسْلَم عن أبيه قال: (خَرَجَ عَبْدُ اللهِ وَعُبَيْدُ اللهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا بِهِ