للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه النفخةُ تدمِّرُ كلَّ شيء على رؤوسِهم وتَهزُّ الأرضَ من تحتِ أقدامِهم؛ فالأرضُ تتزلزلُ والبحارُ تهيجُ وتشتعلُ وتتفجّرُ، والسماءُ تمور وتتشققُ ويذهبُ لونُ الزرقةِ الصافيةِ فتتلونُ إلى صفراءَ وحمراءَ وتتناثر النجومُ، والخلْقُ من هولِ الأحداثِ يفزعون ومِن عِظم صوتِ النفخةِ يُصعقون ويُصمُّون. فهذه النفخةُ نفخةُ فزَعٍ ثُم إماتةٍ للأحياءِ (إلاَّ مَنْ شاء الله) قال العلماءُ هم سكانُ الجنةِ من حُورٍ وغِلمانٍ وسكانُ النارِ من عقاربَ وحيّاتٍ لأنهم خُلقوا للبقاءِ لا للفناءِ واختلفوا في كبارِ الملائكةِ. وهي كذلك نفخةُ صعقٍ للأرواحِ فالأرواحُ لا تموتُ بل تُصعَق وذاك كالإغماءِ، والدليل كما ذكر ابن القيم قول النبيّ : «فأنا أولُ من يُفيقُ» فإنه لم يقلْ أول من يحيا فالإفاقةُ إنما تكون من إغماءٍ وغَشيةٍ وليست من موت. فالموتُ لا يكون إلا مرةً واحدةً وذلك عند انفصالِ الروحِ عن الجسدِ قال تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: ٥٦].

<<  <   >  >>