للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اهتدينا إليها في مصادرها؛ فإنَّنا لا نجد مثلها عن ابن تيمية، وربما يكون السبب في ذلك تأخر صلته به، وأفادت الباحثة أسماء العلواني أنَّ قول ابن بَيْدَكِينَ في النَّهي عن السَّماع (١٨٢ - ١٨٣): «فإن قال أحدهم: إن هذا السماع جعلناه شبكة نصطاد بها قلوب الغافلين … يقال له: شبكة مخرَّقة … إلخ»، يرد بعض عباراته في فتوى لابن تيمية في السماع (١). وكذلك قوله: «وكذلك قول بعضهم: إن الملائكة والنبيين والصالحين تحضر هذا السماع … » إلى آخر حديث: «إنما نهيت عن صوتين فاجرين: … » بمقدار نصف صفحة، منقول بتصرف يسير من فتوى أخرى لابن تيمية (٢). وربَّما أمكن اكتشاف أمثلة أخرى مع شدَّة التحرِّي، وهو ما لم نفعله، على أننا وجدنا عنده اهتمامًا بموضوعاتٍ اهتمَّ بها ابن تيمية ضمن جهوده الإصلاحية، مثل النهي عن السماع البدعي، والرد على القرندلية والمرازقة والفتوة وغيرهم.

في رسالة الفتوة وهي: «الحجة والبرهان على فتيان هذا الزمان» بعض الشواهد على تأثر ابن بَيْدَكِينَ بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمها الله تعالى، فقد استلَّها من كتابه «اللمع» حيث أفرد فيه فصلًا في الفتوة، فنجد في الرسالة المفردة التي قرَّضها ابن تيمية بعد التعديلات الدقيقة التي انتهى إليها ابن بَيْدَكِينَ إما بما استفاده من ملازمة ابن تيمية، وإما بتوجيه مباشر منه قبل أن يقرِّظ عليها، ونلاحظ أنه أول العلماء الأربعة في التقريظ.

نجد التركماني يقول في فصل الفتوة في «اللمع» (٢٢٩): «لأن النبي نهى أن يحدَّ الرجلُ النظر إلى الغلام الأمرد، الحسن الوجه. ونهى أيضًا عن مجالسته، وأقام أمرد من بين يديه، وأجلسه خلفه. وقال سيد البشر: «كانت خطيئة داود النظرُ».». وهذا الحديث وما قبله لا يصحُّ، لهذا حاول تصحيح العبارة في الرسالة المفردة، فقال (٨١٧): «لأن الشعبي وغيره من مشايخ الأشياخ، كلٌّ منهم نهى أن يحدَّ الرجل … » فذكره ولم


(١) «مجموع فتاوى ابن تيمية» ١١/ ٦٠١.
(٢) «مجموع فتاوى ابن تيمية» ١١/ ٦٤١ - ٦٤٢، وكتابنا هذا: ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>