للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه بدعةٌ قبيحةٌ شنيعةٌ، مُبكيةٌ مضحكةٌ، قد عجزَ العلماء والقضاة والمفتون عن تغييرها قرونًا طويلةً، حتَّى حقَّق الله ذلك على يد الملك الصالح عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، فأزال المحاريب الأربعة، وجمع المسلمين على إمام واحد، وذلك في سنة (١٣٤٥ هـ/ ١٩٢٦ م).

والمقصودُ أنَّ هذا الكتاب، وما هو من بابته من كتب البدع والآداب الشرعية، وكذلك كتب التاريخ والتراجم والرحلات؛ مظنَّة معلومات كثيرة مهمَّة عن أحوال العالم الإسلامي، وبجمع تلك المادة العلمية بدقة وأمانة؛ يمكن تكوين تصور صحيح عن ماضي المسلمين وحاضرهم، على هدى من سنن الله الكونية والشرعية، بعيدًا عن متاهات الفكر والعاطفة والتفسير السياسي والماديِّ لحقائق الدين وآثاره.

* * *

المكوِّن العلمي والديني لابن بَيْدَكِينَ مثير للاهتمام. نجد في شيوخه رجلان على طرفي النقيض في العقيدة والمنهج والدعوة، أولهما: ابن عطاء الله السكندري: صوفيٌّ جلدٌ، وثانيهما: أبو العباس ابن تيمية: إمام سلفيٌّ مصلحٌ. نستطيع أن نستنتج من خلال اقتباساته الكثيرة عن شيخه الأول، وتأثره بمواعظه، وصلته بمصادره والكتب التي كان يدرِّسها في مجالسه (١)؛ أنَّه لازمه مدَّة طويلة، وانتفع به في التديُّن والسلوك. أما صلته بابن تيمية فمتأخرة ومحدودة، ولا ندري إن كان أخذ عنه في دمشق قبل انتقاله إلى مصر، لكن الذي ندريه ونحن منه على يقين أنه اتَّصل بابن تيمية خلال وجوده في مصر من سنة (٧٠٥) إلى سنة (٧١٢)، ومن المؤكَّد أن تلك الصلة بدأت بعد خروج ابن تيمية من السجن في شوال (٧٠٩)، أي بعد موت ابن عطاء الله بأشهر.

إذا كانت اقتباسات ابن بَيْدَكِينَ عن ابن عطاء الله ظاهرة بيِّنة، قد


(١) قارن بما ذكره د. عبد الحليم محمود في مقدمته لكتاب: «لطائف المنَن» لابن عطاء الله السكندري، دار المعارف، القاهرة، ط: ٢، ص: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>