للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصيح، ولا يلطم خده؛ فقد كانت الصحابة أخشع الناس قلوبًا، وأرق أفئدة، ولم ينقل عنهم أنهم فعلوا شيئًا من ذلك. وليفرغ القارئ قلبه ليتدبر آياته، وللوقوف على معانيه، ويرى كأنه يتلى عليه الوحي، أو كأنه سمعه من رب العالمين كفاحًا، أو يقرؤه على حال من يراه الله تعالى. فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

ليكن القارئ طاهرًا من الحدث، ويزين القرآن بصوته، فإن حلية القرآن الصوت الحسن، وحسنه أن يرى السامع له أنه يخشى الله تعالى بغير زيادة حرف ولا نقصان حرف؛ لكي لا يخرج عن سنة النبي ، وهو بإجماع المسلمين حرام.

ويقرأ بحزن ووجد، فإن لم يكن له حزن فليتشبه بالحزين وبالباكي؛ قال المولى: ﴿فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾ [البقرة: ٢٦٥]، وقال : «يا أيها الناس ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا» (١)، أمرهم بالتشبه لأن من تشبه بقومٍ حشر معهم، وكذلك قال : «من تشبه بغيرنا فليس منا» (٢).

ويجتنب الإنسان أصوات الفسقة الذين يحرفون القرآن، ويدخلون فيه الزيادة والنقصان؛ لأن ذلك فتنة على القارئ والسامع، ولا يصل إلى الميت.

ويستعيذ القارئ بالله تعالى أن لا يلقى في قراءته شرًّا وفتنة. ثم يستعيذ من الشيطان الرجيم، ثم يسمي الله تعالى ويستعين به على حفظ معانيه،


(١) أخرجه ابن المبارك في «مسنده» (١٢٥)، وأبو يعلى في «مسنده» (٤١٣٤)، والبغوي في «شرح السنة» ١٥/ ٢٥٣؛ من حديث أنس بن مالك .
قال الألباني في «الضعيفة» (٦٨٨٩): وهذا إسناد ضعيف، أو ضعيف جدًّا؛ يزيد الرقاشي هو: ابن أبان وقد ضعفوه.
وأخرجه ابن ماجه في «سننه» (٤١٩٦) من حديث سعد بن أبي وقاص بلفظ: «ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا».
وإسناده ضعيف، كما بيَّنه الألباني في «الضعيفة» (٦٥١١) و (٦٨٨٩).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>